| 0 comments ]

شُهداء 25 يناير

كان نقاش مع بعض الأصدقاء، حول StatUs كتبته على فيس بوك.. كنت بتكلم، عن الذين يتعاطفون مع (مبارك)، وكيف أنهم بتعاطفهم هذا يهينون الشهداء والمصابين؛ الذين قُتلوا وأُصيبوا بسبب هذا الـ(مبارك).. هذا الشخص الذي يتعاطفون معه، كان السبب في شقاء دوله كامله على مدار 30 سنه.. لن أزيد في الحديث، عمّا سبّبه (مبارك) لمصر؛ لأننا شبعنا كلام في الموضوع دة.. الدور والباقي على اللي عملين نفسهم (أجانب)، ومش عارفين (مبارك) عمل إيه وحش لمصر.. فلنقرأ معاً ماكتبت على فيس بوك.. أعتقد أنها إجابه كافيه؛ لمن يتعاطف مع المخلوع (مبارك).
***
"جاء هذا الرد المُطوّل، بعد أن ظن أحد الأصدقاء؛ أنني أقصد مهاجمة المتعاطفين وأصحاب القلوب الرحيمة.. والحقيقة هي؛ أنك من المستحيل أن تكون رحيم ومتعاطف، طالما تتعاطف مع شخص مثل (مبارك).. وكما سترون، تحوّل الرد، إلى ردّ عام، يشمل كل من يتعاطفون مع المخلوع، ويظنون أنه لا يستحق كل هذه البهدلة، وهذا بالطبع؛ لأنه (راجل قد ابونا)، و(خدم مصر كتير)، وبالطبع لأننا (شعب ناكر للجميل).. فلنرى إذن؛ إذا كان (المتعاطفون) يسيرون في الطريق الصحيح، أم لا"


أنا لم أنكر صفة التعاطف في الإنسان، ولم أهاجم أصحاب القلوب الطيبة، وأعلم جيداً أننا في أشد الحاجة إليهم.. أعلم..

ولكن حديثي هنا، كان عن الذين يتعاطفون، مع الشخص، الذي لم يتعاطف معهم.. إنه لم يتعاطف مع أياً منا.. لم يتعاطف مع شهداءنا، ولم يتعاطف مع أمّهاتنا.. لم يتعاطف معنا، في أثناء مرضنا وموتنا، ولم يفعل شيئاً، حيال كل ماحدث، من دمار وخراب، وكل ما حل بالبلاد من من أمراض واستعباد..

إنني هنا، أتحدث عن الذين، يزرفون الدمع، من أجل الذي لم يزرف دمعه من أجلهم.. أتحدث عن الذين يقولون: "دة راجل قد ابونا"، و"النبي عفى عن كُفّار قريش"، وأيضاً "شعب مصر دة ناكر للجميل"..

كيف لي؛ أن أنفي صفة التعاطف، وأنا شخص متعاطف بطبعي.. خلقني الله متعاطفاً مع كل شيء.. تعاطفت مع الأزهار، التي يتم قطفها من الحدائق، وتعاطفت مع النمل الذي دهسته قدمي دون قصد، وتعاطفت مع الفئران التي تُقتل -فقط- لأنها تبحث عمّا تأكله..

لن تصدق؛ إن أخبرتك: أنني جلست أبكي يوماً، على (نملة) دهستها!.. هل تصدق؟.. لابد أنني مجنون، لا متعاطف..

إن الشخص الذي، لا يتعاطف معنا، لايستحق أن نتعاطف معه، ونبكي لأجله..

أخبرني بربّك: كيف يتثنّى لنا أن نتعاطف مع شهداءنا وأمّهاتهم، ونحن نتعاطف مع (مبارك)؟.. كيف ستستطيع، أن تتذكر كل الذين دهستهم السيارات، وقُتلوا برصاص القنّاصه، وأنت تشفق على (مبارك)؟.. كيف ستدعو بالشفاء؛ للمعاقين، والذين فقدوا نعمة البصر، ونعمة الحركة، وكل أولئك الأشخاص، الذين ضحّوا من أجلنا.. من أجل حياة أفضل لـ (مصر)؟..

إنني أقول لكم: أنكم بتعاطفكم مع قاتلهم، تستهزئون بهم، وبآلامهم، وبـبكاء أمهاتهم..

أتريد أن تتعاطف؟.. تعاطف مع الأم التي أُجبـِرت على أن تقضي شهر رمضان، دون ولدها.. تخيلها، وهي تتذكره.. يتحدث معها، ويأكل معها، ويضحك معها.. يساعدها بالمال، ويحمل عنها همومها، ويذهب معها للتسوق.. لقد خرج في ذلك اليوم؛ ليطالب بحقه وحقنا في الحياة.. عيش، حرية، عدالة اجتماعية.. ومات.. مات وهو يحاول تحريرنا من قيودنا.. أصابته رصاصه في رأسه، خرجت من بندقية شخص (تلقّى) أمراً؛ ليفعل ذلك، ويبدو أن الأمر قد راقه -فهو سادي بطبعه- فنفّذ الأمر على الفور.. اخترقت الرصاصة قلب ولدك يا والدتي؛ ليصبح شهيداً؛ ولنتحوّل نحن إلى أحياء..

هؤلاء هم، من يستحقون التعاطف.. أتدري؟.. أنا أتعاطف كثيراً، مع الكلاب والقطط المُشرّدة، وأتعاطف كثيراً مع أطفال الشوارع، والذين لا يجدون مأوى لهم.. أتعاطف مع (شحّاتين السيدة)، وبائعات المناديل، و(كنّاسين الشوارع).. كلهم يستحقون التعاطف، ولكن (مبارك)؟.. لا..

ولأنني لست فظّاً غليظ القلب؛ اخترت أن أنفضّ من حول (مبارك)؛ لأنه اختار، أن يكون فظّاً بدوره..

سأشاهده وهو يرقد على فِراشه الطبي وراء القفص، وسأسمع صوته المليء بالحشرجه.. سأنظر لتجاعيد وجهه، ورداءه الطبّي، وأنبوبه الذي يمدّه بالأكسجين.. سأرى كل ذلك، ولكنني لن أتعاطف معه، بل سأترحّم على شهداءنا، وسأدعو بالشفاء لمصابي الثورة، وأدعو الله، أن يلهم أمّهات شهداءنا الصبر والسلوان.. ولكنني لن أتعاطف مثقال ذرّة مع (مبارك)..

أتدري إلى ماذا توصّلت بعد كل ذلك؟.. توصلت لـ: "لأنني أملك قلباً رقيقاً، ولأنني إنسان متعاطف.. لايجب أن أتعاطف مع مبارك.
 
النهاية


التعليقات : 0

إرسال تعليق


أترك تعليق أو اضغط (Like) إذا أعجبك ما قرأته، وإذا لم ينل إعجابك، أخبرني: لماذا؟..
يمكنك الإشتراك عن طريق البريد الإلكتروني -أسفل صندوق التعليقات- لمتابعة الردود، وأرجو عدم وضع أي روابط دعائية في التعليقات.