عندما قرأت السطور الأولى من مقال د.أحمد خالد توفيق على جريدة التحرير، عرفت أنه كتب المقال قبل أن يحدث (كل هذا)، وتنبأت أننا سنرى اليوم مقالاً على بص وطل يحمل اسمه؛ ليلحق بقطار الأحداث.. قبل أن أبدأ هناك نقطة أريد الحديث عنها، نقطة كانت تشغلني أنا نفسي: "لماذا أهتم بالرد على مقالات د.أحمد خالد توفيق بالذات؟".. بعد تفكير لم يدم طويلاً، لاحظت أنني لم أبدأ بالرد على مقالات د.أحمد، إلا عندما بدأ اختلافي مع مايكتبه، وهذا -ببساطة- لأنني لم أختلف مع د.أحمد من قبل وبلا مبالغه، وكنت دائماً أردد: "أنني أحب كل حرف يكتبه د.أحمد خالد توفيق"؛ ولهذا تفاجئت عندما اختلفت معه. في الماضي كان د.أحمد يكتب ما يدور في ذهني دائماً، ويتحدث بلساني؛ كأنه يقرأ أفكاري وأفكار آلاف الشباب غيري، أما الآن.. ربما لهذا أصر على تسجيل نقاط اختلافي، بعد قراءة كل مقال له.. كل مقال أختلف فيه معه بالطبع، فأنا لا أختلف أو أعترض لمجرد الإعتراض.. إنها لحظة الإصطدام مع (الأستاذ)، أنت دائماً تردد (هو يعرف أكثر)، وأن (كلامه صحيح تماماً)، ولكنك كنت تردد هذه العبارات؛ لأنك تؤمن بما يقول.. هو لم يكتب ذلك لأنك أردته أن يكتبه، بل لأنه يؤمن به، وهكذا اتفقت معه؛ لأنك تؤمن به أيضاً، واعتقدت اعتقاد طفولي ساذج، أنه: "يقرأ أفكارك، ويكتب كل ماتشعر به".. هذه المرة يكتب مايؤمن به بالطبع، لكن الفرق؛ أنك لا تؤمن بما يراه هو صحيحاً و(عين العقل).. والصدمة أنها المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك.
كانت هذا مقدمة، أراها هامة -لنفسي على الأقل؛ لأنني كلما رأيتني أسارع بكتابة تعليقي على أحدى مقالات د.أحمد، تذكرت أنني قرأت قبلها الكثير، واختلفت قبلها مع الكثير، لكني لم أكتب تعليقاً إلا على مقاله فقط.
كانت هذا مقدمة، أراها هامة -لنفسي على الأقل؛ لأنني كلما رأيتني أسارع بكتابة تعليقي على أحدى مقالات د.أحمد، تذكرت أنني قرأت قبلها الكثير، واختلفت قبلها مع الكثير، لكني لم أكتب تعليقاً إلا على مقاله فقط.
أما عن حبي لـ د.أحمد، فلا أريد الإطاله أكثر من ذلك -أنا لم أبدأ بعد- لكن كل من يعرفني يعرف حبي لشخص الدكتور وكتاباته، ويعرف عبارتي الشهيرة التي أرددها كلما ذُكِر اسمه: "أنا بحب كل حرف كتبه الدكتور أحمد"؛ لذلك لن أخوض في هذه النقطة. وإن وصل هذا المقال إليه بطريقة ما، فليعلم أنني أكتب باعتباري (تلميذهُ).. ربما يجب أن أطلق عنوان (لأنه الاستاذ) على هذا المقال. وكفانا ثرثرة.
لن أعود للخلف كثيراً، لكن دعنا نبدأ من المقال قبل الأخير في جريدة التحرير، الذي كان يحمل عنوان (عزيزي محمد فتحي)..
في البداية دعنا نتفق على شيء: أنا وأنت ننتظر يوم الإثنين لنقرأ لـ د.أحمد خالد توفيق، ننتظر هذا اليوم من أجل أن (نظبط دماغنا)، ننتظر هذا اليوم لنقول: أخيراً أحدهم يهتم بنا، ويكتب ما يدور في أذهاننا.. ننتظره كما ننتظر صدور أعداد (ماوراء الطبيعة)، نفس الشغف، والترقب، والحماس.. أما أن أجد مقالاً كُتب ليظبط دماغ (محمد فتحي)؟!.. إن المقال لا يتحدث عن محمد فتحي فقط بالطبع، لكن الفكرة العامة للمقال هي: "لقد كبر هذا الصغير؛ ليصبح صحفي كبير مشاغب"، ويحمل المقال انتقاد لطيف؛ للإتجاه العام لجريدة التحرير، وهذا الجزء من المقال يوضح الأمر:
لسان جريدة «التحرير» على الأرجح يقول:البلد راحت فى ستين داهية.
كل خيارات المجلس العسكرى خطأ.
الأسوأ قادم.
قدوم الإخوان يعنى أن الشعب ليس على ما يرام.
الجنزورى يصحو من نومه كل يوم ليدمر مصر ثم ينام سعيدا.
الحرب الأهلية قادمة والأحمق من لا يعتقد هذا.
كل من هو أكبر من أربعين عاما فلول غالبا، ووغد يتظاهر بأنه ليس كذلك.
د.أحمد خالد توفيق حر في الكتابة عما يريد بالطبع، وأنا لا أحمل أية ضغينة أو (نفسنه) لـ محمد فتحي -أنا متابع جيد له- لكن المقال لم يرضي طموحاتي.. ربما تكون نقطة غير هامة -أراها كذلك بالفعل- لكن لا أعرف لماذا اعتقدت، أنه يجب علي ذكرها.. هاقد انتهينا منها، ولننتقل لِمَ أريد قوله حقاً، وهو الذي قمت بكتابته في تعليق على هذا المقال -على موقع الجريدة- أنقله كما هو:
"د.أحمد -للأسف- يصر على أن كل خطأ المجلس العسكري أنه (متباطئ) في تنفيذ مطالب الثورة، وأعتقد أنه يؤمن حقاً أنه سينفذ مطالب الثورة إن عاجلاً أو آجلاً.. ألم تسأل نفسك سيدي العزيز: لماذا يصر المجلس العسكري على عدم تنفيذ تلك المطالب التي لن تأخذ منه سوى (جرّة قلم)، مثل (الحد الأدني والأقصى للأجور)، و(تحقيق الأمن)، وغيرها من المطالب التي لا تحتاج الإنتظار شهوراً طويله لتنفيذها؟.. نحن لا نطالب بأن نتحول إلى مليونيرات، لكن هناك مطالب في متناول اليد، ومع ذلك لاتتحقق.. ماذا نستنتج من هذا إذن؟. أرى أن المقال عبارة عن (قصيدة غزل) يتخللها حديث عن بعض الأشياء الغير مهمه التي تحدث الآن. لا أريد أن أظل معارضاً طيلة الوقت، ولا أحب لعب دور المعارض، لكن مستوى المقالات قديماً كان أفضل من هذا بالتأكيد، ولا أعرف لماذا الإصرار على أن المجلس العسكري (حلو)، وكل مشكلته (انه بطيء شوية ياجماعة)، لماذا التركيز أصلاً على المطالب التي لم تُنفّذ، وعدم التركيز على الجرائم التي ارتُكبت؟.. أين الحديث عن مذبحة شارع (محمد محمود)، التي لو قلنا أن المجلس لا علاقة له بها -وهذا غير صحيح بالتأكيد- فهو كان يملك إيقافها بالتأكيد، وبأمر واحد فقط، لكنه فضّل أن تظل مستمرة، مستوحياً عناد النظام القديم، وفي إصرار على عدم تعلُّم الدرس. آسف على الإطالة التي أثق أنها لا داعي لها، لكني -مثل كل شخص هنا- كنت أتمنى أن يقول د.أحمد خالد توفيق كلمتي، وأن يكتب ما أفكر فيه مثل الأيام الجميله الماضيه.. ولكننا لا نحصل على كل ما نتمناه بالطبع، ويكفي أنه يكتب ما يؤمن به آخرون.
وبالمناسبة: مقالات (محمد فتحي) -في رأيي- مناسبة ومواكبه للأحداث فعلاً.. أحياناً أشعر أن عينه تتحرك سريعاً لتلقط كل شيء، وتستخلص في النهاية مايصيب فقط."
هذا هو التعليق.. مقتضب بعض الشيء ربما لكنه كافِ. د.أحمد خالد توفيق، في مقال (عزيزي محمد فتحي) يكرر أن المجلس العسكري (متباطئ) و(متلكئ)، ويكرر التساؤل -أو التعجُّب- الشهير، الذي نسمعه دائماً من (الناس) على التلفزيون المصري غالباً: "ألم يأت عصام شرف من الميدان وباختيار الثوار؟." تبطاؤ في ماذا يا د.أحمد؟.. المجلس العسكري متباطئ في ماذا، في قتل الثوار؟.. المجلس العسكري حافلة (متوقفه) يتصاعد منها الدخان، وليس (متباطئ) فقط.. ثم أن متباطئ هذه ألا تعتبر تهمة وحدها، في ظل الظروف التي تمر بها البلد، ظروف لا تحتمل أي تباطؤ.. ألم نكن نردد "العدالة البطيئة ظلم" عندما علمنا أن محاكمة مبارك وعصابته قد تأخذ سنوات؟.. إن التباطؤ وحده جريمة لا تُغتفر، ولا يجب السكوت عليها.. هذا لو كان المجلس العسكري مجرد (متباطئ) بالطبع. أما عن (عصام شرف)، فقد سئمنا من ذلك السؤال، وسئمنا من الرد عليه أيضاً، وأستعين بإجابة صديقي (عمرو عز الدين) في تدوينته التي تحمل عنوان: رداً على مقال د.أحمد خالد توفيق في التحرير: عزيزي محمد فتحي:
لم أقرأ هذا الكلام أو أسمعه للمرة الأولى، فكلما طالبنا برحيل عصام شرف، الذي شهدت وزارته كوارث دامية نعرفها عن ظهر قلب، خرج من يقول لنا: مش ده اللي انتوا اخترتوه؟
الحقيقة أنني أستعجب من النسيان بهذه السرعة، فنحن لم نختر عصام شرف لرئاسة الوزراء، لقد كنا نطالب بسقوط شفيق، وربما كانت هناك أصوات من داخل الميدان تطالب بعصام شرف كاسم من ضمن الأسماء المقترحة، لكنني ما سمعت عنه كبديل أساسي ورسمي من داخل الميدان بأغلبية ساحقة، وفي ليلة وضحاها وبهجمة انتحارية من د. علاء الأسواني سقط شفيق، وعين المجلسُ د. عصام شرف!! أما الثوار فقد باركوا هذا الاختيار ومنحوه الشرعية بمؤازرتهم إياه. إذن من اختار من؟!.
.
هذا هو ردي أيضاً، وأنا لا أذكر صراحةً أنني سمعت هتاف (الشعب، يريد، عصام شرف رئيس وزراء)، ولكن للأسف تلون الموضوع بصبغة أن الثوار اختاروه.. أعترف أننا وقعنا في فخ (راجل طيب ومحترم وابن حلال ووشه سِمح).. هذا فخ لعين، نقع فيه كثيراً للأسف. الذي عين (عصام شرف) هو المجلس العسكري، ولا أعتقد أن المجلس العسكري عينه بناءً على رغبتنا، كأن المشير كان يجلس أمام التلفزيون، ويقول: "فلنفعل مايريده هؤلاء الثوار الطيبون".. كان عصام شرف رجلاً يناسب العسكر، ولهذا عيّنوه في منصبه.. رجلاً من النوع الذي يملك وجهاً بشوشاً، يثق فيه الناس، ويجعلهم يرددون كلمات مثل (أخيراً راجل محترم)، وهكذا عندما يحدث أي شيء، يغفر له الناس، ولو حدث ولم يغفر له الناس تعالت الأصوات "مش انتوا اللي اختارتوه"، ولو تعالت أصوات أكثر، سيقع العبئ كله عليه، وتبتعد الأنظار عن العسكر، وعند حدوث المصيبة التاليه، يتم تغييره.. هكذا أرى الأمر.
.
لن أتحدث أكثر؛ لأن تعليقي على الجريدة لخّص الأمر كله.. أما عن الحديث عن الجنزوري وإعطاءه الفرصة، فأنا أرى أنه لا الجنزوري ولا غيره سينجح في مهمته؛ لأنه سيكون مجرد عروسة ماريونيت لا محاله، يحركها المجلس العسكري.. كان عصام شرف بلا صلاحيات، والجنزوري لن يأخذ أكثر مما أخذ عصام شرف، وإلا كانوا أعطوها لـ عصام شرف نفسه، قبل أن يتم حرقه هكذا.. وقد أثبتت المجازر الأخيره والجرائم اللا أخلاقيه؛ أن الجنزوري لا يختلف عن عصام شرف، الذي لم يكن يختلف كثيراً عن أحمد شفيق.. هم فقط يعطون اللوحة الجديدة بعض الرتوش، لتبدو مختلفه عن سابقتها، وهكذا ينجحوا في خداع الشارع، الذي سوف يأمل خيراً بالتأكيد، ويتفائل بالوجه الجديد.. كان هذا عن مقال (عزيزي محمد فتحي).
إن اليوم كما تعلمون هو الإثنين 19 ديسمبر، ولهذا كان أول ما فعلته بعد تشغيل جهاز الكمبيوتر، هو الذهاب لموقع جريدة التحرير، والتوقف عند شريط المقالات المتحرك، والبحث عن مقال د.أحمد خالد توفيق.. المقال الذي لم يكن يتحدث عن أي شيء مما يحدث الآن.. ليس قانوناً أن يتحدث الكاتب عن أحداث اليوم أو أمس، لكن عن نفسي لن أستطيع القراءة عن غير مايحدث الآن.. وهكذا أغلقت المقال، مع إيمان غريب أنني سأرى مقال جديد لـ د.أحمد خالد توفيق على موقع بص وطل، يتحدث فيه عما يدور الآن، وهو ماحدث..
مقال: في حقل ألغام لآخر مرة..
بدأ د.أحمد المقال بمقدمة مفادها: "أنا أعرف ماذا ستقولون عني، لكن هذه كلمة حق، ويجب أن أقولها.. أنا رجل أكتب ما أراه صحيحاً، ولا أهتم".. هذا كفيل بأن يجعلك تحترمه أكثر، حتى لو كان احترامك له لا يحتمل المزيد، وسيغرق المكان لو زاد.. لطالما عرفنا د.أحمد كرجل (دماغه كدة) كما يقول عن نفسه، وهي نقطة مهمه جداً.. هذا كاتب لا يركب الموجه، ولا يكتب شيئاً لمجرد أن طرفاً ما يريد سماعه..
مقال: في حقل ألغام لآخر مرة..
بدأ د.أحمد المقال بمقدمة مفادها: "أنا أعرف ماذا ستقولون عني، لكن هذه كلمة حق، ويجب أن أقولها.. أنا رجل أكتب ما أراه صحيحاً، ولا أهتم".. هذا كفيل بأن يجعلك تحترمه أكثر، حتى لو كان احترامك له لا يحتمل المزيد، وسيغرق المكان لو زاد.. لطالما عرفنا د.أحمد كرجل (دماغه كدة) كما يقول عن نفسه، وهي نقطة مهمه جداً.. هذا كاتب لا يركب الموجه، ولا يكتب شيئاً لمجرد أن طرفاً ما يريد سماعه..
هذا المقال.. لا أشعر بالرغبة في الحديث كثيراً عنه؛ لذلك سأتعمد عدم (تفصيصه)؛ لأني سأرى نفسي سخيفاً لو فعلت..
يتلخص المقال في كلمات مثل (كلكم مخطئون- البلد تضيع- ارحموا مصر- الحرب الأهلية على الأبواب)، لكنه لم يقدم أي حل أو اقتراح لِمَ يحدث الآن.. أعني.. الكل يتحدث عن خراب البلد، ومصر التي تضيع، وجميع الأطراف المشاركه في الخطأ، لكنه لم يقدم اقتراح لعمل أي شيء! البعض يطالب الثوار بالتهدئه والعمل على عدم الإحتكاك مع الجيش.. لا أذكر حقيقةً أن الثوار ينزلون التحرير؛ من أجل ممارسة هوايتهم المفضلة (الإحتكاك بالجيش وتلقي الرصاص)، ولا أذكر متى سعى الثوار للقفز في تلك الهوه السحيقة.. يا دكتور أحمد، أرجوك أقبّل يداك، اكتب لنا تصورك أو خطتك للخروج مما نحن فيه.. لا تعتقد سيدي العزيز، أن الثوار يحبون الموت، هم مثلك ومثل أي شخص آخر يريد الحياة، لكن ماذا لو كان الموت حتمياً؟ كلنا رأينا الفيديو الذي يقف فيه الثوار يلقنون أنفسهم الشهادة.. لماذا فعلوا ذلك؛ ليستعدوا للإحتكاك؟ أم فعلوه؛ عند سماعهم لأصوات الطلقات النارية من بعيد؟ أما الحديث عن اعتصام مجلس الوزراء، الذي يقول عنه الكثير أنه (اعتصام خاطئ).. ربما يكون خطأ، ربما تختلف معه، لكنه لا يصلح كمبرر لِم حدث. الأصوات تتعالى: "فيه رئيس وزراء يتمنع من الدخول لمبنى مجلس الوزراء؟ يمارس عمله ازاي، ويشتغل ازاي، ويجتمع ازاي؟؟؟" حسناً، دعنا نتحدث عن الأمر.. أنت ترى أن الإعتصام كان خطأ، جيد، لكن فاتك أن هذا الإعتصام كان نتيجه لِم حدث في شارع محمد محمود.. أننسى بهذه السهوله؟ بعد أحداث شارع محمد محمود، تردد المجلس في إقالة عصام شرف ووزارته، ثم ترددت الإشاعات عن حدوث ذلك، ثم أقال المجلس الوزراء ورئيسهم بالفعل.. كان هذا يحدث، بعد كل الدماء التي أريقت، وتلطخت أيدي الجيش والداخليه معاً بها، وكالعادة رأى المجلس أن أفضل حل للخروج من الأزمة الجديده، هو إقالة رئيس الوزراء.. كان هذا يحدث بعدما فقد المجلس العسكري والحكومة شرعيتهما في الشارع؛ لذلك اعتبرنا الجنزوري ووزارته بلا شرعية ولا صلاحيات بالطبع.. هذا فقط.. لم يتم محاسبة أحد على أي شيء، في رسالة صريحة مفادها: "ماحدث قد حدث، فلننسى الأمر، ونترك الشارع، ونجلس في بيوتنا بسلام"، وإن زعم أحدهم أن هناك (تحقيق في الأمر)، أو (لجنة تقصي حقائق)، لن نصدقه.. متى حوكم أي أحد، حتى نصدق أن هناك من سيحاكم؟ للأسف، الناس تتحمس وتغضب وتبكي وقت حدوث المصيبه، لكن بعدها بفترة، ينسوا الأمر كأنه (فيلم) انتهى، ويجب أن نعود لحياتنا بعد انتهاءه.. كان هذا الحديث الطويل، رداً على أن (اعتصام مجلس الوزراء) خطأ، أو ذِكره كتبرير لِم حدث.
وكإشارة فقط: الجنزوري لو كان يملك الصلاحيات لفعل أي شيء.. لو كان يريد فعل أي شيء، ولو كان بيده فعل أي شيء، كان سيفعله من أي مكان، كان سيجتمع بوزراءه في أي مكان، على القهوة، أو في الشارع، أو داخل أي مبنى حكومي آخر، أو حتى داخل منزله.. الناس تصيح "يشتغل ازاي هو دلوقتي"، كان بإمكانه العمل من أي مكان، لو كان يريد العمل بالفعل، أو لو كان هناك مايمكنه فعله.. وكما أقول لنفسي عندما أشعر بالفشل قريب "إللي عاوز يعمل حاجة بيعملها، مش بيتحجج بأي حاجة"، أقول هذا عندما تدور في رأسي الحِجج الفارغه "الظروف كانت سيئه، وأنت فعلت ماعليك، لم يكن بإمكانك إحراز مجموع أكبر من هذا".. لا، الظروف لم تكن حائلاً أو عائقاً.. أنا الذي كنت أريد الجلوس والإسترخاء، بعيداً عن (المذاكرة ووجع الدماغ).. الجنزوري أيضاً، كان يمكنه إعطاء أوامره والعمل والإجتهاد من أي مكان.. الحديث عن هيبة الدولة وكرامتها أيضاً لا يصح ذِكره؛ لأن هيبة الدولة من هيبة المواطن، لا المبنى الذي تم الإعتصام أمامه.
لا تتوقف عن الكتابة في السياسة يا د.أحمد، لكن اذكر لنا حلولاً حقيقية.. محمد فتحي الذي كنت تعاتبه على حماسته الزائده، ذكر حلاً بالفعل، عندما اقترح إقامة الإنتخابات الرئاسية في 25 يناير القادم، بدلاً من الخروج في ثورة جديدة.. هو يدرك أن الثورة القادمة تحمل خطراً، لكن لا مفر من حدوثها مع مايحدث الآن.. اقترح محمد فتحي -تلميذك- حلاً، فأرجوك أن تقترح لنا آخر..
لا أعرف إن كنت قد تجاوزت حدودي في الحديث هنا أم لا، لكني أعرف أن الأسلوب يحمل بعض التعصُّّب مع بعض العصبية.. أأسف عليهما حقاً، لكن لا أتصور أنه لايزال هناك مجالاً للتعقُّل أو التفكير بحكمة في الأمر.. أعرف أنك قادر على التفكير بهدوء وحكمة دائماً سيدي العزيز؛ لذلك أرجوك: لاتتوقف عن الكتابة في السياسة كما ذكرت في مقال (بص وطل)، واصل الكتابة؛ لكي ترشدنا كما كنت تفعل دائماً.. أشعل لنا شمعة في الظلام يا د.أحمد.. نعم يمكننا الهدوء، لكن ماذا بعد؟ يمكننا العودة لبيوتنا، لكن ماذا بعد؟ ماذا عن الدماء التي نزفت بشدة، والأعراض التي تم انتهاكها ببرود وبجاحه واضحتين؟ ما الذي يضمن لنا عدم حدوث مذابح أخرى، في ظل المذابح التي تم ارتكابها، ولم يُحاسب أحد عليها؟ كل هذه الأسئله تدور في أذهاننا، وتقول لنا: الحل في الميدان، وأي حل آخر يجب أن يضمن لنا عدم حدوث ماحدث سابقاً، وأن يعيد لنا حقوق من ماتوا ومن تم سحلهم، ومن تمزقت ثيابهن، ومن تم إلقاء جثثهم في القمامة.
لا أعرف إن كان صدرك قد اتسع لي، لكن شكراً.. شكراً على كل شيء سيدي العزيز. وأخيراً: تأكد أنني كتبت هذا المقال -فقط- لأنك الأستاذ.
ملحوظة: كُتب هذا المقال في 19 ديسمبر.
21 ديسمبر
التعليقات : 0
إرسال تعليق
أترك تعليق أو اضغط (Like) إذا أعجبك ما قرأته، وإذا لم ينل إعجابك، أخبرني: لماذا؟..
يمكنك الإشتراك عن طريق البريد الإلكتروني -أسفل صندوق التعليقات- لمتابعة الردود، وأرجو عدم وضع أي روابط دعائية في التعليقات.