قلعة قابعة على سفح تل.. قلعة متهدمة في أكثر من موضع، كئيبة المنظر.. الأبراج العاليه، والجدران المتشققه، والحجارة المتساقطة المتناثرة حولها.. ياله من منظر، يستحق أن يحتل رقعة في أعمق مكان من ذكرياتك الكابوسية السوداء.. هناك شواهد قبور تحتل مساحة لا بأس بها في مكان قريب من القلعة، وكل شاهد حُفر عليه اسم صاحبه بخطوط كبيره وحروف بارزة.. تتخلخل التربة أمام الشواهد، وتمتد أيدي عظمية خارج التربة، تحاول الصعود.. هيكل، اثنان، ثلاثة، أربعة.. سبعة هياكل عظمية تحررت من قبورها.. سبعة هياكل عظمية اخترقت توابيتها، وحفرت طريقاً للخروج من تربتها.. وهاهم يتحركون، بخطى بطيئة، آليه، مترنحه.. يتحركون باتجاه القلعة أعلى التل.. على ماذا ينوون؟.
وحول القلعة كانت الذئاب تتجمع بكثرة وتعوي، تتخذ وضعية الإستعداد للهجوم.. يبدو أنهم ينوون التصدي للهياكل القادمة نحوهم بأنيابهم المطليه بلون الدم، ومخالبهم المتشوقه لنهش العظام.
.
.
بضعة أمتار تفصل بين الذئاب الواقفين أمام القلعة، والهياكل العظمية السبعة المتقدمة بخطى بطيئة تدعو للملل، أكثر من التحفز.. ولكن الهياكل تتوقف فجأة عن الحركة.. تهتز أجسادها العظمية، يقتربون من بعضهم، تتلامس عظامهم.. وتلتحم.. في مشهد غريب -أغرب مما يحدث الآن- تتشابك عظام السبعة، وتلين، وتلتحم؛ لتكون هيكل عظمي واحد كبير.. الآن، لم يعد للهياكل السبعة وجود، بل هيكل عظمي واحد عملاق، يتقدم نحو القلعة والذئاب القابعة أمامها.. ما إن وصل حتى ركضت الذئاب نحوه، لكنهم لم يكادوا يصلوا إليه، حتى رفع ساقه العظميه ودهس أغلبهم، وبساقه الأخرى دهس الباقين؛ ليتحولوا جميعهم إلى شرائح لحم ذئاب..
الآن، وقد تخطى الهيكل عائقه الوحيد.. هاهو يقف أمام القلعة العملاقة، التي بدا بجانبها صغيراً؛ لضخامتها.. ينظر لها بعينيه الغير موجودتين، ويرفع رأسه وذراعيه للسماء، ويعوي عواءً ترتج له جدران القلعة، وتتساقط منها المزيد من الأحجار.. الآن سوف يفعل ما أتى من أجله.. يمد يده إلى داخل نافذة أحد غرفات القلعة.. يعبث بداخلها قليلاً، وتتوقف يده عندما يجد هدفه.. وتنبعث الموسيقى من الجرامافون الذي وجده..
.
.
الآن فقط، يستطيع أن يرقص.. يرقص الهيكل العظمي مع الموسيقى، وتأتي الخفافيش من أحد أبراج القلعة لتحلق حوله.. يرقص ويضحك، يحرك يده لأعلى وأسفل، يدور، ويتمايل، وينثر التراب من حوله..
ظل هكذا حتى سطعت الشمس، وكما تقول الأسطورة، تحول الهيكل العظمي إلى رماد، وتحررت أرواح السبعة منه..
لكن الأرواح، لم تذهب إلى السماء..
.
لقد اختارت أن تبقى قليلاً..
.
ترقص، حتى انتهاء اللحن.
7يناير، 2012
محلوظة: مكنتش ناوي اكتب، والكتابة رايحه مني خالص، بس كتبت عملاً بنصيحة د.شريف عرفة في الجزء الأول من مقال (كيف تدير موهبتك)، واللي بيقول فيه:
"عليك أن تفرغ عقلك من الأفكار الإبداعية التي تشغله, كي يكون هناك متسع للمزيد من الأفكار الجديدة. الفكرة المحبوسة بتعمل قفلة في الدماغ (كده بالبلدي) عشان كده لازم تطلعها بأي طريقة (تكتبها أو ترسمها أو تغنيها أو......) عشان تفضى لفكرة جديدة غيرها."
وأنا دماغي من زمان مليانه هياكل عظمية، وقِلاع، وعناكب، وأجواء قوطية كدة.. وفعلاً جزء من الأفكار دي اختفى أو خفّ عن دماغي شوية، وأتمنى اني ارجع اكتب تاني قريب. وأنصح بقراءة المقال؛ لإنه مفيد جداً.
التعليقات : 0
إرسال تعليق
أترك تعليق أو اضغط (Like) إذا أعجبك ما قرأته، وإذا لم ينل إعجابك، أخبرني: لماذا؟..
يمكنك الإشتراك عن طريق البريد الإلكتروني -أسفل صندوق التعليقات- لمتابعة الردود، وأرجو عدم وضع أي روابط دعائية في التعليقات.