لأن مايدور في عقلي كثير، ومايحدث كثير، لن أكتب تدوينتي هذه المرة عن موضوع واحد.. ستكون على هيئة عِدّة نقط.
- 1% حرية لم يعد يكفي: مؤخراً انتشرت أخبار عن منع مقالات من النشر في بعض الصحف، وعن رؤساء تحرير يتم استدعائهم للتحقيق؛ لاتهامهم بـ "سب الرئيس".. لن أخفي غضبي ممايحدث تجاه الرأي الآخر، هناك حملة يشنها الإخوان ومؤيديهم ومنتخبيهم، ضد أي رأي يخالف مايقولونه.. والتعجب هنا نشأ بسبب -صدق أو لا تصدق- أن هناك ثورة حدثت، وهناك نظام فاسد تم إسقاطه -المفروض- وهناك انتخابات (حرة نزيهه) تمت، أتت برئيس مدني، عن طريق الأغلبية.. لماذا تطلب مني إذن الرضى عما يحدث من كبت للحريات؟ وكيف لبلد قامت بها ثورة، أن يُسمع بها كلام مثل: وهو يعني كان فيه حرية أيام مبارك؟! وهل المطلوب مني الرضا بالـ 1% حرية التي كان يتصدق بها علينا المخلوع؟ أين الكلام عن أن الرئيس ماهو إلا "موظف" و"خادم الشعب"؟؟ لماذا عندما نبدي اعتراضنا على أي شيء يحدث، نجد من يتهمنا بالفلوليه والحقد، وأننا نريد للرئيس أن يفشل؟! يجب أن تهتف: ضربة معلم يا مرسي، و: الله عليك ياريس، لكن أن تبدي اختلافك واعتراضك؛ فأنت بذلك تعرض نفسك لسيل من السباب والإتهامات التي لامعنى لها. أنا لا أتهم الرئيس بأي شيء، ولا أتصور أن الرئيس يجتمع مع مؤيديه وإخوانه ومنتخبيه؛ ليحثهم على مهاجمة معارضيه.. هذا درب من الخيال بالتأكيد.. ماكان يدفعنا للإستمرار في الماضي الأسود، كان الكلمه التي نكتبها، أو الكاتب الذي نقرأ له، ونثق أنه لن يتخلي عنا وعن مشاكلنا... أما الآن، أجد من يطالبني بالتطبيل أو الصمت أو أن أموت بغيظي.. صدقوني لن تكتمل المعادلة بدون التأييد المطلق، والتأييد العاقل، والمعارضة المطلقة، والمعارضة العاقلة، بل والسباب أيضاً.. كلٍ له طريقته وثقافته، فلا تحجروا على أحد.
- ظاهرة كثرة دور النشر: كل من يهتم بالكتاب في مصر، يعرف ظاهرة كثرة دور النشر وانتشارها.. قد تفرح ويهلل قلبك طرباً بالطبع؛ لأن هذا يعني: كتب أكثر، كُتاب أكثر.. هذا جيد، لكن دعونا -ولأول مرة- ننظر للجانب السيء للموضوع.. أغلب دور النشر الجديدة يملكها كُتاب شباب، ضاقت بهم السبل، وتعبوا من اللف على دور النشر والرفض؛ لهذا لم يعد أمامهم سوى أن يصبحوا هم أنفسهم ناشرين؛ منه ينشروا لنفسهم، ومنه أيضاً يساعدوا الشباب الذين تواجههم نفس المتاعب والصعوبات.. كل هذا جميل، لكن فكر معي قليلاً كدة: الناشر الذي ذهبت له ورفضك؛ لأن مستواك مش قد كدة، أو لأنك لاتملك مايكفي من مال، أو أنك رفضته لأن عرضه لايتناسب مع حلمك الذي تريد تحقيقه.. ماهو أصل هذا الناشر؟ هذا الناشر كان شاب يحلم بالنشر، أو يحلم بمساعدة الشباب والنشر لهم، هذا الناشر كان يردد عبارات المبادئ والأخلاق، وأن هدفه ليس المال مطلقاً، بل النشر لكل صاحب موهبه حقيقية.. لن يُرفض أي كاتب حقيقي؛ لأن مافي محفظته يقل عن 1000 جنيه، أو لأن مستواه لم يقترب من مستوى نجيب محفوظ.. كل هذا كان يردده؛ قبل أن يتحول لآلة تمتص المال من الكاتب الشاب، وتعتصره، وتسبب له كاللّو في القدمين؛ بسبب تردده عليه كل يوم ليسأله: هاه، أخبار الكتاب إيه، كان المفروض يكون في المكتبات من شهرين، أو يطالبه بالمساهمة في توزيع كتابه واللف على مكتبات وسط البلد... لم تكن هذه سوى أفعال كاتب شاب جميل، يريد تحقيق حلمه، وأحلام زملائه الشباب، لكنه بدلاً من ذلك تحول لجزء من بازل الإستغلال العملاق.. هذا الناشر -ببساطة- هو أنت! لن أتهمك بأنك ستتحول له في يومٍ ما، لكن أستطيع أن أؤكد لك: أنه كان مثلك في يومٍ ما، وبدأ بنفس طريقتك: موقع على النت، وصفحة على الفيس بوك، ومقدمة حلوة جميلة جذابه، مليئة بالشعارات والحكم، وكلمات عن نبذ أفعال الناشرين الأشرار، وهكذا... كان هذا الجانب السيء من هذه الظاهرة.. الناشر الشرير لم يكن سوى شاب طيب، فماذا سيكون الشاب الطيب الجديد ياترى؟! أتمنى ألا يصبح مثله.. أتمنى.
- تسعيرة مولانا نجيب محفوظ: انتهيت مؤخراً من قراءة ملحمة الحرافيش، والتي تعد للأسف أول ما أقرأ لـ محفوظ.. لن أصف مالايمكن وصفه؛ لأن إعجابي بها فوق الوصف، ويمكن أن نطلق عليه: ماوراء الإعجاب، لكني صدمت عندما علمت أن دار الشروق، أخذت كل كتب محفوظ من مكتبة مصر، ولم يبق للأخيرة إلا الفتافيت، وتعجبت وتسائلت: كيف يمكن أن تتحول كتب الأديب المصري العالمي التي من المفترض أن تكون في متناول (كل مصري) من 5 و 10 جنيه، إلى 30 و 50 جنيه؟ إن موقفي من الشروق ومثيلاتها واضح منذ زمن، وكتبت مقال أوضح فيه العقدة والحل بالفعل، ومنذ فترة قريبه قام بعض الشباب بمظاهرة صغيرة أمام الدار للإعتراض على أسعارها و(سُعارها)، لكن لم يتغير شيء للأسف، لاتزال دور النشر تتعامل مع الكاتب الذي تبيع كتبه (بالكيلو)، ويتعلل أصحابها؛ بارتفاع أسعار الورق، والأحبار، والمطابع، والعمال، و... إلى آخر كل تلك الأعذار المحفوظة. قلت من قبل: وفروا طبعة متواضعة الصناعة، متواضعة الثمن، وأخرى بخامات عالية، وسعر أعلى، لكنكم هكذا تتعاملون بطريقة: اللي معهوش ميلزموش، وهذا لايصح من أشخاص يزعمون أنهم يشجعون الثقافة وبلا بلا بلا، ولا يصح أن يوجه لأشخاص كل مايريدوه أن يقرأوا. ارحمونا وكفوا عن احتكار كتابنا العظماء، أو تعاملوا معنا بما يرضي الله، ولاتشتكوا من القرصنة الإلكترونية وسور الأزبكية بعد الآن من فضلكم.
- عن صور الجثث والأشلاء: لم أفهم يوماً، ما الهدف من انتشار صور الجثث، سواء كانت لضحايا سوريا أو فلسطين، أو أي دولة أخرى.. ما الفائدة التي ستعود علي أو على الطرف الآخر إذا نشرت صورة لجثة طفل يبتسم قتله الجيش السوري النظامي.. المشكلة أنني لن أستطيع سوى الدعاء الذي لا ينقطع بالفعل، لكن الأمر تحول إلى إدمان.. كأنك لن تصبح إنسان رقيق المشاعر؛ إذا لم تنشر تلك الصور، أو تصبح في نظر الآخرين غير متعاطف إذا لم تشارك في نشر تلك الصور. نحن الشعوب لا نملك فعلياً سوى الدعاء، وكما قلت -صدقوني- هو لا ينقطع، لكني لا أرى مبرر واضح يجعلني أشارك صوراً لجثث القتلى وضحايا المذابح.
وللحديث بقية؛ لأن النقاط كثيرة.. جداً!.
التعليقات : 0
إرسال تعليق
أترك تعليق أو اضغط (Like) إذا أعجبك ما قرأته، وإذا لم ينل إعجابك، أخبرني: لماذا؟..
يمكنك الإشتراك عن طريق البريد الإلكتروني -أسفل صندوق التعليقات- لمتابعة الردود، وأرجو عدم وضع أي روابط دعائية في التعليقات.