| 0 comments ]

أحياناً يصيبني السأم، والملل، والضجر، من كل الأشياء المعقدة، المتشابكة، المتشعبة، التي يحتويها عقلي.. والأفكار القصصية والروائية بالذات، وتلك التي كتبتها، والتي أكتبها، والتي لم أكتبها بعد، لكني أفكر في كتابتها، وحتى التي أفكر في أنني يجب أن أفكر في كتابتها.. أنت تعرف أنني أحب الرعب والفانتازيا والخيال.. لا أمانع كتابة أي نوع بالطبع، وأقرأ كل الأنواع المكتوبة بشكل جيد، لكن يظل هناك (الأقرب) إلى القلب، وماتربيت عليه، وأحببته، وأجدته..

أحياناً، عندما أتخيل أفكاري، وأقرر أن أهبها شكلاً حياً؛ أجد أنها تحولت لقطعة قماش، مليئة بالخيوط، التي تتقاطع طولياً وعرضياً، وترسم نجوم ودوائر ومربعات.. أو أرض طينية، ينمو في تربتها زرعٌ أسود اللون، ويتشابك هو الآخر، ويتعانق، ويلتف حول بعضه البعض.. 

ويصيبني الزهق والسأم والملل، وأشعر أن عقلي ضاق بأفكاره، وأنه لم يعد رائق المزاج؛ للتفكير بشكل جيد في هذه الأشياء، ولم يعد قادراً على استيعابها.. وأفكر: لماذا يجب أن تكون الأفكار معقدة هكذا؟ لماذا يجب أن تكون (أفكاري) هكذا؟ لماذا -مثلاً- لا أكتب مشهداً، يبدأ بشاب، يرتدي قميصاً أبيض اللون، كاشفاً عن ذراعيه، وسروالاً أسود قصير.. يسير هذا الشاب حافي القدمين، على شاطئ، خاوي من البشر والكائنات.. الوقت هو الغروب.. يبطئ الشاب، ويقرر أن يقف على الشاطئ؛ يراقب الشمس وهي تنهي وردية النهار، يقف عاقداً ذراعيه، ويرتسم على وجهه شعور الإرتياح، ورياحٌ رحيمة، تتحسس وجهه؛ كقطعة من حرير.. النهاية!

في قصة حقيقية؛ كنت سأجعل هذا الشاب، يجد جثة على الشاطئ، جثة يبدو أن البحر لفظها، ويبدو أنها ظلت في قلب البحر، مايكفي لإصابتها بالتصبن الرمي، والإنتفاخ، والتآكل، كما أن السمك وجد أنها وجبه مثاليه؛ لأن آثار القضم واضحة على وجهه ويديه، ويظهر فجأه سائق سيارة سوداء فاخرة -على الشاطئ- ويتوقف؛ لينزل، ويذهب حيث جثة الرجل والشاب، ويصرخ ما إن يرى الرجل الميت، ويقول أنه تركه منذ ساعة على الشاطئ، وقال له أنه يرغب في رؤية الغروب، و: عدّي عليا كمان شوية يا اسطى محمد، فيسأل الشاب: مين الأسطى محمد؟ فيجيب السائق: ده اسم أبويا.. أنا اسمي محمد برضة، بس البيه كان بيحب يناديني باسم الحاج الله يرحمه..

لماذا يجب أن تكون الأمور معقده؟ ليس في القصص فقط، لكن في الحياة أيضاً، وكل شيء آخر.. 

عندما شاهدت فيلم Thor للمرة الأولى، لم يعجبني، وقلت أنه (أهبل)، وأنهم كانوا يجب أن يصنعوا شيئاً أفضل من قصة أطفال عادية.. لكني عندما شاهدته مؤخراً، لم أجده سيئاً لهذه الدرجة، وتقبلت فكرة أن يكون الخير واضحاً، والشر كذلك، والصراع في النهاية، والحياة في سلام، بعد التخلص من رمز الشر..

توايلايت أيضاً، لكن هذه السلسلة لها قصة وحدها، وربما يجب أن أفرد لها تدوينة كامله.. 

يبدو أن عقولنا صُنعت لتناسب العالم.. في الماضي، كان طموح الإنسان يتلخص في وجبه جيده، وبيت يأوى إليه، وعمل جيد، وزوجه صالحه، وبعض التسلية، ورفاق جيدين.. 

الآن تتفرع من الأصل فروع شتى، فأصبح طموحنا، له طموح، وطموحه طموح.. الوجبات صارت هارديز وكنتاكي وبيتزا هت، وكل نوع تفرع منه أنواع، وكل نوع يحمل اسماً، وكل أسم لو لم تتذكره جيداً؛ لأكلت شيئاً آخر..

لاتسئ الظن في.. أنا لم أتذوق -حتى الآن- أياً من تلك الوجبات! لكن حتى طبق الفول لا آكله مجرداً.. لابد من الليمون والطحينة، والكمون، والفلفل الأسود -آه بحط فلفل اسود عـ الفول- والملح، وهناك من يضعون (القشدة)! وهناك من يضع بيضاً، وآخر يقطع ممباراً، و(يدش) بصله... أحيه! 

لاتسئ فهمي أيضاً.. أنا أريد أن أكون طبيعياً، أريد لابتوب وآي فون، ونت يو إس بي، واشتراك الكابل، وسيارة لأضع بداخلها حامل أكواب.. أريد أن أصبح طبيعياً!

البساطة كانت الأصل، ومنها تفرعت التعقيدات، وحاجات الإنسان لاتتوقف.. ليس غريباً؛ أن يكون تخيل المصريين للجنة، هو: أنك ستحصل على (الشيء) قبل أن تفكر فيه! 

أشعر أنني يجب أن أواصل، لكن منهجي هو التبسيط كما تعرف.. يجب أن أنهي التدوينة الآن، ولا أفكر في كتابة شيء آخر، شيء أخير.. جملة ختامية مثلاً، أو حكمة عظيمة.. لقد قلت ماكنت أريد قوله، ولا داعي للبقاء بعد ذلك مدة أطول؛ لأنه من الحكمة أن تتوقف، مادمت أنهيت مهمتك، والبسطاء أمثالي هم أول من يجب عليهم اتباع ذلك.. واحد آخر، يحب التعقيدات، كان سيتحدث في أمور لا داعي لها، لكني لست ذلك الشخص.. لست أنا ذلك الرجل، الذي يـ.....


1 مارس، 2013


التعليقات : 0

إرسال تعليق


أترك تعليق أو اضغط (Like) إذا أعجبك ما قرأته، وإذا لم ينل إعجابك، أخبرني: لماذا؟..
يمكنك الإشتراك عن طريق البريد الإلكتروني -أسفل صندوق التعليقات- لمتابعة الردود، وأرجو عدم وضع أي روابط دعائية في التعليقات.