| 2 comments ]

يطرقع أصابعه، ينفض الغبار عن المدونة، يحدق في الصفحه البيضاء قليلاً، ويفكر أن العودة للكتابه أمر جيد، وأنها لا تخيف، إنها تُظهِر لنا -فقط- كم نحن خائفون.

بوستر الفيلم
يبدأ فيلم "الهروب من كوكب الأرض" وتقول لنفسك: أنك شاهدت هذه الفكرة من قبل، أستطيع أن أعد لك 10 أفلام تتحدث عن فضائيين ظرفاء يهبطون إلى كوكب الأرض؛ ليخوضوا مغامرة للإنقاذ أو التدمير، ثم يكتشف الجميع في نهاية الأمر، أن (الأمر) ليس سيئاً لهذه الدرجة، أو ليس صعباً لتلك الدرجة، وينتهي الفيلم نهاية سعيده، يحضن الكائن اللزج الظريف، ذلك القوي العابس، وتتزوج الفتاة الفضائية من الشاب الأرضي، وينجبون إي- تي شاذاً، عاطلاً عن العمل، فاشلاً في دراسته.. نحن نعرف تلك الأفلام، أو بإمكاننا الإدعاء أننا من ذوي الخبره والحنكه وحكمة الكون، الذين -برضة- يعرفون تلك الأفلام.. لكنني في كل مرة أقول فيها هذا الكلام لنفسي في أول 10 دقائق من أي فيلم من تلك النوعية، أجدني أتراجع عنه في العشر دقائق الأخيره، وقد غرغرت عيناي بالدمع مثل طفل صغير ودود، يتأثر بأي شيء، ويقتبس الحكمة من أبسط الأشياء، حتى لو كانت من فيلم يخبرك بصراحة، وبرمزية تدعي أنها كذلك: إحنا بنكمل بعض، ولازم نحب بعض. وهذا ماحدث لي -منذ دقائق- فور انتهائي من مشاهدة فيلم: الهروب من كوكب الأرض.

هو فيلم كارتون -أنيميشن يعني- من إنتاج عام 2013، تم إنتاجه في كندا والولايات المتحده كما يقول ويكيبيديا باللغة العربية. يبدأ الفيلم بمقدمه، تجعلك تتوقع، وتتأكد، وتعرف ماهو قادم.. في كوكب (باب)، حيث تعيش كائنات فضائية ظريفة، كيوته، زرقاء اللون، يعيش الأخوان (سوبرنوفا)، الأول (سكورتش)، يمثل العقل، يفهم في أمور الهندسة والكمبيوتر، وتلك الأشياء التي تؤهلك للجلوس فوق مقعد جلدي طوال فترة عملك وحياتك، المهم؛ يتمثل عمل (سكورتش) في توجيه أخيه (جاري) ذو الجسد الضخم والعضلات والعقل السطحي، أثناء عملياته البطولية التي يقوم بها كل يوم من أجل كوكبه (باب)، نحن نعرف أن هذه العمليات لن تنجح إلا بوجود الأخوين -بديهي- لكن شعب الكوكب والأخ القوي، وحتى أسرة الأخ الذكي نفسها، يتصرفون بعكس ذلك، ويردد الإبن عبارات عن أنه يريد أن يصبح مثل عمه عندما يكبر، وكيف أن عمل والده ممل.. هذا يؤلم قلب الأب. تبدأ المشكلة عندما يتم استدعاء (جاري) لمهمة في "كوكب الظلام" الذي نستطيع أن نخمن بسهولة ماهو، لكن (سكورتش) يحذره، هذا الكوكب خطير، لم يسبق لأحد أن عاد منه أبداً، لا نعرف عنه الكثير، لكن القوي يأبى الإستماع، ويذهب بعد مشاجرة يترك فيها (سكورتش) العمل، ويتم أسره أخيراً على الكوكب (الأرض). يبدو كل هذا مألوفاً حتى لو لم تره من قبل بنفس ترتيب التفاصيل، في الواقع أتخيل أن الأمر هنا -وهنا بالذات- عباره عن قطع شطرنج لا تتغير، فقط تتغير أماكنها، وكمثال قوي على مانتحدث عنه: planet 51، تذكرون هذا الفيلم؟ كان يحكي عن رائد فضاء أرضي، بشري، هيومن، يهبط بمركبته على إحدى الكواكب، ويعلنه كوكباً أميريكياً خالصاً؛ ليفاجأ بعد وقت قصير أنه كوكب مأهول، يعني، بنايات، مدن، ناس عايشين.. كان يلعب هذا الفيلم على تيمة: ماذا لو كنت أنت "الغريب"؟ كانت فكرة مثيره الحقيقة. أذكر أن شكل الكائنات الفضائية كان يشبه كائنات فيلمنا هذا، لكن لونها كان أخضر، وليس أزرقاً.. من شاهد فيلم planet 51 سيدرك مقصدي هذا.. الأمر -غالباً- لا يكون أكثر من تحريك قطع الشطرنج؛ لتصنع شيئاً جديداً، مختلفاً في كل مرة.. أحياناً يكون التحريك ضعيفاً، لايحدث فيه سوى تحريك عسكري وحصان وطابيه، فينتج عن المحاولة، شيئاً يشبه شيء آخر "لقد رأيت مثل هذا سابقاً"، أماعن التحريك الجيد، فلا أحتاج لذكر أمثله.. هذا التحريك هو الذي أنتج لنا Monsters, Inc و Toy Story و Up و Wreck-It Ralph وكل فيلم كارتون صنفناه كفيلم ممتاز، أو جيد جداً..

أعتقد أني لا أتحدث هنا عن "الهروب من كوكب الأرض" بالضبط، لكن مثل هذه الأفلام تؤدي لأشياء أخرى، مثل موضوع التحريك هذا، وكيف أننا صرنا نعرف الأشياء المبتكره أو العاديه من أول نظرة، وأننا لازم نحب بعض.. وهناك شيء آخر..

"الهروب من كوكب الأرض" أخبرني بأشياء كنت أشعر بها، وأن الوقت قد حان لقولها.. إن فيلم الكارتون يعتبر مرآة عاكسة جيده لطفولتنا التي نتمنى العودة إليها.. أنت لا تتمنى أن تعود طفلاً بالضبط، لكنك تتمنى عودة مشاعر قديمه معينه.. كيف أنك في الماضي كنت تنبهر بأي شيء.. عصا بلاستيكية بعجله صغيره، ورقات تنفخ فيها فتدور، فقاعات الصابون، مسدسات الماء.. إنني أذكر ذلك الكائن الذي كنته.. طفل صغير يرتدي تريننج غير متوافق الألوان، بشعر طويل ثائر، يلعب بسيارة صغيره، يحركها بيديه على الأرض، ويفعل أصوات بفمه "فووووووو، عنننننننننن" وعندما يبدأ الكارتون الذي يحبه، يتجمد في مطرحه، يتوقف عن اللعب، وتقترن عينيه الصغيرتين بالتلفزيون.. كان يبتسم ويضحك بمجرد ظهور الرسوم المتحركة : ) لم يكن يتطلب الأمر وقتها وجود قصة مبتكره، أو فكرة معقده، لم يكن يحتاج لشرير له مبررات وغايات بعكس شريرة وشرير الهروب من كوكب الأرض، لم يكن ليفكر أن كل فيلم كارتون يتحدث عن الوحوش، لابد له من كائن لزج يقطر السوائل، وكائن يغضب سريعاً، وكائن ذكي، وكلب صغير ظريف... ما هذا الشيء الناضج المقزز الذي أصبحته؟!

أعتقد أن هذا الفيلم.. أنا لا أحب مقولة للصغار فقط؛ لذا لنقل أنه فيلم أعطى الأولوية للصغار، لكني أعتقد أننا نحتاجه أيضاً؛ لنتذكر ماكناه، ونحاول استرجاعه جزئياً. فلتشاهد هذا الفيلم مع طفلك.

يذهب (جاري) في رحلة إلى كوكب الأرض؛ لإنقاذ شقيقه، فيجد نفسه في قبضة الجنرال الشرير المخبول، الذي يأسر كل الكائنات الفضائية في المنطقة المشهورة (51)، ويجبرهم على اختراع الأشياء -كل التكنولوجيا التي لدينا- ويوهمهم أنه سيطلق سراحهم ما إن ينتهوا من صنع جهاز أخير، وهو سلاح كبير مدمر، يود استخدامه لتدمير كل الكويكبات والكواكب ليتخلص وينتقم من كل الكائنات الفضائية، التي تسببت في الماضي في قتل والده الذي كان يحب مراقبة النجوم، في حادثة تشبه موت الكلب في فيلم paul، ولذلك يضحك على رئيسة الأخوين (سوبرنوفا) في العمل، ويوهمها بحبه لها؛ لترسل له الكثير من مادة (البلومونيوم) التي يحتاجها الجهاز للعمل. كان يتواصل معها عن طريق النت الفضائي! إذن: يفسد الأخوين مخطط الأشرار، ويحرروا الفضائيين، ويقدر كلٍ منهما عمل الآخر، وأنهما فريق واحد لاينفصل، ويجد الطفل (كيب) القدوة في والده، ويتمنى أن يصبح مثله عندما يكبر.. ويعيش الجميع في سعادة بشكل حرفي.

مما أعجبني في الفيلم: تشابه بعض عادات الفضائيين مع عادات الأرض بشكل مضحك، مثل عندما تم أسر(جاري) وراء قضبان سجن المنطقة 51: يمسك بكوب معدني ويخبط القضبان وهو يقول: لايمكنكم فعل ذلك، أعرف حقوقي! ويطالب بمكالمته الهاتفيه! وزواج (سكورتش) في النهاية مما فيه من مدعوين وإشبين ومختص بعقد الزواج. أعجبني أيضاً الفيديو الذي عرضه (جاري) ليوضح خطورة (كوكب الظلام)، والفيديو الذي عُرض على (جاري) عندما تم أسره على الأرض. يعني، هناك بعض الأشياء الذكية رغم كل شيء.

فيلم "الهروب من كوكب الأرض، أو: Escape from Planet Earth" بأصوات نجوم مثل (براندن فريزر) و(روب كوردري) و(جيسيكا ألبا)، ولا ننسى (ساره جيسيكا باركر) في جمعنا هذا. تكلف الفيلم 40 مليون دولار، وحصيلة إيراداته أكثر من 70 مليون دولار. تقييمه الحالي على موقع IMDB هو 5.8، وكما نرى، الفيلم يقع ضمن أقل أفلام الكارتون تقييماً هذا العام، وربما إيرادات وإنتاج. لاننتظر رؤيته منافساً على الأوسكار على كل حال. بالمناسبة، الفيلم يعد الإخراج الأول لـ(كال برنكر)، وشارك في تأليفه أيضاً، بعد أن عمل كتقني لعدد من أفلام الأنيميشن، كفيلم Despicable Me، و Ice Age، و Horton Hears A Who

أما عن تقييمي الشخصي، فأعطيه 6/10، مع الأخذ في الإعتبار أنني أحسب لكل فيلم كارتون نقطة كاملة؛ لمجرد كونه (فيلم كارتون)!

27 ديسمبر، 2013



التعليقات : 2

غير معرف

رائع يا يماني.. رائع وكفى.

نادر

مصطفى اليماني

أشكرك يا نادر، أنت الرائع، بمتابعتك ووجودك واهتمامك وكتابتك : )

إرسال تعليق


أترك تعليق أو اضغط (Like) إذا أعجبك ما قرأته، وإذا لم ينل إعجابك، أخبرني: لماذا؟..
يمكنك الإشتراك عن طريق البريد الإلكتروني -أسفل صندوق التعليقات- لمتابعة الردود، وأرجو عدم وضع أي روابط دعائية في التعليقات.