فيمايلي ترجمة لمراجعة الناقد الكبير الراحل (روجر إيبرت) للحلقة الرابعة
من سلسلة حرب النجوم وفيلمها الأول "A New Hope"، وهي مراجعة تمثلني بشدة؛
لأنها لمست قلب السلسلة والمشاعر التي أكنها لعالمها. لم يكتفي روجر بإعلان
انبهاره بالمؤثرات البصرية التي أحدثت طفره في عصرها بالتأكيد، لكنه عرض
بروح عاشق الأسباب التي جعلت حرب النجوم أشبه بدين يعتنقه الناس، وواحد من
أهم تلك الأسباب، هي تلك الحياة الغريبة التي سمح لنا (لوكاس) بالإطلاع
عليها.
حرب النجوم لايكون "حرب النجوم" بالنسبة لي، بلا مخلوقاته العجيبة، تشوي، جابا ذا هات، ماستر يودا، وكائنات الجليد والصحراء الشبيهة بالجِمال والخيول. ماجعل من هذه الكائنات فريدة لأقصى درجة؛ أنها كانت يدوية الصنع والتحريك، مماجعلها واقعية للغاية. أفلام اليوم تصنع أشياء أكثر دِقة بالطبع، لكنها تفتقد للمسة البشرية، وإحساس المتفرج أنه لو مد يده، سيستطيع أن يخترق الصورة.
بهجة غير عادية تنتابني عند رؤية تلك الكائنات تمشي في الأنحاء؛ كأنك ذهبت لحديقة حيوان حقيقية، غير أرضية. لو كتبت مراجعتي الخاصة، ستحمل روحًا كهذه.
حرب النجوم لايكون "حرب النجوم" بالنسبة لي، بلا مخلوقاته العجيبة، تشوي، جابا ذا هات، ماستر يودا، وكائنات الجليد والصحراء الشبيهة بالجِمال والخيول. ماجعل من هذه الكائنات فريدة لأقصى درجة؛ أنها كانت يدوية الصنع والتحريك، مماجعلها واقعية للغاية. أفلام اليوم تصنع أشياء أكثر دِقة بالطبع، لكنها تفتقد للمسة البشرية، وإحساس المتفرج أنه لو مد يده، سيستطيع أن يخترق الصورة.
بهجة غير عادية تنتابني عند رؤية تلك الكائنات تمشي في الأنحاء؛ كأنك ذهبت لحديقة حيوان حقيقية، غير أرضية. لو كتبت مراجعتي الخاصة، ستحمل روحًا كهذه.
حرب النجوم: أمل جديد (1977)
بقلم: روجر إيبرت
Star Wars: New Hope 1977 |
أمر أحيانًا عند مشاهدة فيلم بما أعتقد أنه تجربة الخروج من الجسد. عندما
يستخدم المؤمنون بالقدرات الفائقة للحواس مصطلحًا كهذا، فهم يشيرون إلى
إحساس العقل بمغادرة الجسد حرفيًا والإبحار إلى الصين أو يوريا أو إلى مجرة
بعيده، بعيده، لكني عندما أستخدم هذا المصطلح، فأنا أعني ببساطة أن مخيلتي
نست فعليًا أنها متواجده في دار العرض واعتقدت أنها هناك على الشاشة،
وبمعنى أدق؛ فإن أحداث الفيلم تبدو حقيقية، وأبدو أنا كأني جزءًا منها.
مررت بهذا مع حرب النجوم. قائمتي لأفلام "الخروج من الجسد" الأخرى، قصيرة وغريبة، بدءًا ببراعة "Bonnie and Clyde"، أو" Cries and Whispers"، مرورًا بالنزعة التجارية البراقة لـ"Jaws"، والقوة الوحشية لـ"Taxi Driver". على مستوى ما (لا أكون واثقًا أحيانًا)، يدفعونني على الفور وبقوة لفقد قدرتي على الحكم، وتحليلي الإحتياطي. إن الفيلم يحدث، وهو يحدث لي.
مايجعل من حرب النجوم تجربة فريدة، رغم كل ماسبق؛ أنها تلعب على مستويات بريئة ومرحة غالبًا. إن العنف عادًة هو مايجذبني بشدة لأي فيلم، بدءًا من العذاب النفسي لشخصيات بيرجمان، وحتى الصرصرة الطائشة لفكي القرش. ربما الأفلام التي تخيفنا تجد أقصر الطرق لمخيلاتنا، لكن حرب النجوم تكاد تخلو من أي عنف. بدلًا من ذلك، هناك ترفيه مباشر وبسيط، تفتقده الأفلام الحديثة المعقدة.
حرب النجوم قصة خرافية، أسطورية، تجد جذورها في بعضًا من قصصنا الخيالية الأكثر شعبية. الروبوت الذهبي، رائد الفضاء ذو وجه الأسد، والكمبيوتر الصغير المضطرب الذي لابد أنه استوحى من رجل القصدير، والأسد الجبان، والفزاعة من "ساحر أوز". الرحلة من أبعد مكان في المجرة لآخر، هي واحدة ضمن العديد من أعمال أوبرا الفضاء. الأجهزة مستوحاه من "Flash Gordon" مرورًا بـ"2001: A Space Odyssey"، والفروسية من روبن هود، الأبطال من الغرب القديم والأشرار خليط من النازيين والسحرة. فجَّر حرب النجوم لُب الخيال المدفون في ذاكرتنا، ولأنه يفعل ذلك ببراعة، فإنه يعيد تنشيط الإثارة القديمة، والمخاوف، والبهجة التي ظننا أنها هجرتنا عندما قرأنا نسختنا الأخيرة من سلسلة "قصص مدهشة".
يبلي الفيلم حسنًا لعدة أسباب، ولاتدور كلها حول المؤثرات الخاصة المذهلة. التأثيرات جيده بالتأكيد، لكن أفلام مثل "Silent Running" و "Logan's Run" استخدمت مؤثرات عظيمة بالفعل ولم تخلد للأبد في تاريخ شباك التذاكر. أعتقد أن مقومات نجاح حرب النجوم تختلف عن ذلك.
يعتمد الفيلم على قوة السرد الخالص، في أبسط أشكال الحكي المعروفة للإنسان؛ الرحلة. كل الحكايات الرائعة التي نذكرها من طفولتنا تدور حول أبطال ينطلقون في رحلة عبر طرقات مليئة بالخطر، أملًا في العثور على كنز أو تحقيق بطولة عند نهاية الرحلة. في حرب النجوم يصحب جورج لوكاس هذا الإطار البسيط والقوي إلى الفضاء الخارجي، وهذا شيء يوحي بتنفيذه، لأننا لن نملك في المستقبل خرائط على الأرض تحذر: "هنا توجد تنانين". لن نستطيع تخطي حدود الخريطة، كما أمكن لكولومبوس، ولايمكن أن نأمل في إيجاد قارات جديدة لوحوش ماقبل التاريخ أو قبائل مفقودة تحكمها آلهة خالدة. ليس على الأرض على كل حال. لكن كل شيء ممكن في الفضاء، ولوكاس يحلق في الأفق ويرينا كل شيء تقريبًا. نحن نندمج مع الفيلم سريعًا، لأن شخصيات حرب النجوم مرسومة بقوة وبساطة ولديها الكثير من نقاط الضعف الصغيرة وآمال كبيرة تبدو لنا عبثية ولاتتفق مع آمالنا. بعد ذلك، يفعل لوكاس شيء مثير للإهتمام. بينما يرسل أبطاله عبر الفضاء لخوض معركة مع قوات دارث فيدر، والإمبراطور الشرير، ونجمة الموت الرهيبة.. إنه يمنحنا الكثير من المؤثرات الخاصة، هذا صحيح -السفن المارة في الفضاء المتشعب، كواكب غريبة، نجوم لانهائية- لكننا نحصل أيضًا على ثروة من المخلوقات الحية الغريبة، ويصيب لوكاس التخمينات بأنها ستُثير اهتمامنا أكثر من كل أجهزة المجرات.
أحد أروع المشاهد بالنسبة لي، كان الذي دارت أحداثه في حانه غريبة على كوكب تاتوين. يالها من تشكيلة رائعة من المشروبات الكحولية الغريبة، واللقطة الواسعة لشاربي المارتيني المصطفّين على البار، وكان لوكاس في غاية المكر، فسمح لهم بإظهار الخصائص التي اشتهرت بها البشرية، وجدت نفسي أشعر بمزيج من الإعجاب والبهجة. وضعتني حرب النجوم في حضرة ابتكار فيلم سحري، هنا، حيث يختلط كل شيء معًا، حيث الجموح والخيال، العجب البسيط والحكي المتطور بهدوء.
وضع ستانلي كوبريك كل ماكان لديه من تأثيرات خاصة لتصوير الفضاء الخارجي، عندما كان يصور "2001" في أواخر الستينات، لكنه قرر أخيرًا عدم إظهار أي كائنات فضائية على الإطلاق؛ لأن تصميمها كان مستحيل كما ظن، لكن التصميم لم يكن مستحيلًا أبدًا. كما أوضح حرب النجوم، وبهجة الفيلم في إمكانيات الحياة الغريبة التي كانت ممتعة بقدر الصراعات بين مركبات الإمبراطورية والمتمردين.
وربما هذا يساعد على تفسير نقطة ضعف الفيلم الوحيدة، ألا وهي استغراق الهجوم النهائي على نجمة الموت وقتًا أطول من اللازم. ربما لم يتحمل لوكاس فكرة الإقتطاع من فيلمه، بعدما استثمر الكثير من المال والعرق في المؤثرات الخاصة. لكن سحر حرب النجوم يكون دراميًا فقط مع المؤثرات الخاصة؛ قلب الفيلم بين الدفئ البشري (وغير البشري) لشخصياته.
مررت بهذا مع حرب النجوم. قائمتي لأفلام "الخروج من الجسد" الأخرى، قصيرة وغريبة، بدءًا ببراعة "Bonnie and Clyde"، أو" Cries and Whispers"، مرورًا بالنزعة التجارية البراقة لـ"Jaws"، والقوة الوحشية لـ"Taxi Driver". على مستوى ما (لا أكون واثقًا أحيانًا)، يدفعونني على الفور وبقوة لفقد قدرتي على الحكم، وتحليلي الإحتياطي. إن الفيلم يحدث، وهو يحدث لي.
مايجعل من حرب النجوم تجربة فريدة، رغم كل ماسبق؛ أنها تلعب على مستويات بريئة ومرحة غالبًا. إن العنف عادًة هو مايجذبني بشدة لأي فيلم، بدءًا من العذاب النفسي لشخصيات بيرجمان، وحتى الصرصرة الطائشة لفكي القرش. ربما الأفلام التي تخيفنا تجد أقصر الطرق لمخيلاتنا، لكن حرب النجوم تكاد تخلو من أي عنف. بدلًا من ذلك، هناك ترفيه مباشر وبسيط، تفتقده الأفلام الحديثة المعقدة.
حرب النجوم قصة خرافية، أسطورية، تجد جذورها في بعضًا من قصصنا الخيالية الأكثر شعبية. الروبوت الذهبي، رائد الفضاء ذو وجه الأسد، والكمبيوتر الصغير المضطرب الذي لابد أنه استوحى من رجل القصدير، والأسد الجبان، والفزاعة من "ساحر أوز". الرحلة من أبعد مكان في المجرة لآخر، هي واحدة ضمن العديد من أعمال أوبرا الفضاء. الأجهزة مستوحاه من "Flash Gordon" مرورًا بـ"2001: A Space Odyssey"، والفروسية من روبن هود، الأبطال من الغرب القديم والأشرار خليط من النازيين والسحرة. فجَّر حرب النجوم لُب الخيال المدفون في ذاكرتنا، ولأنه يفعل ذلك ببراعة، فإنه يعيد تنشيط الإثارة القديمة، والمخاوف، والبهجة التي ظننا أنها هجرتنا عندما قرأنا نسختنا الأخيرة من سلسلة "قصص مدهشة".
يبلي الفيلم حسنًا لعدة أسباب، ولاتدور كلها حول المؤثرات الخاصة المذهلة. التأثيرات جيده بالتأكيد، لكن أفلام مثل "Silent Running" و "Logan's Run" استخدمت مؤثرات عظيمة بالفعل ولم تخلد للأبد في تاريخ شباك التذاكر. أعتقد أن مقومات نجاح حرب النجوم تختلف عن ذلك.
يعتمد الفيلم على قوة السرد الخالص، في أبسط أشكال الحكي المعروفة للإنسان؛ الرحلة. كل الحكايات الرائعة التي نذكرها من طفولتنا تدور حول أبطال ينطلقون في رحلة عبر طرقات مليئة بالخطر، أملًا في العثور على كنز أو تحقيق بطولة عند نهاية الرحلة. في حرب النجوم يصحب جورج لوكاس هذا الإطار البسيط والقوي إلى الفضاء الخارجي، وهذا شيء يوحي بتنفيذه، لأننا لن نملك في المستقبل خرائط على الأرض تحذر: "هنا توجد تنانين". لن نستطيع تخطي حدود الخريطة، كما أمكن لكولومبوس، ولايمكن أن نأمل في إيجاد قارات جديدة لوحوش ماقبل التاريخ أو قبائل مفقودة تحكمها آلهة خالدة. ليس على الأرض على كل حال. لكن كل شيء ممكن في الفضاء، ولوكاس يحلق في الأفق ويرينا كل شيء تقريبًا. نحن نندمج مع الفيلم سريعًا، لأن شخصيات حرب النجوم مرسومة بقوة وبساطة ولديها الكثير من نقاط الضعف الصغيرة وآمال كبيرة تبدو لنا عبثية ولاتتفق مع آمالنا. بعد ذلك، يفعل لوكاس شيء مثير للإهتمام. بينما يرسل أبطاله عبر الفضاء لخوض معركة مع قوات دارث فيدر، والإمبراطور الشرير، ونجمة الموت الرهيبة.. إنه يمنحنا الكثير من المؤثرات الخاصة، هذا صحيح -السفن المارة في الفضاء المتشعب، كواكب غريبة، نجوم لانهائية- لكننا نحصل أيضًا على ثروة من المخلوقات الحية الغريبة، ويصيب لوكاس التخمينات بأنها ستُثير اهتمامنا أكثر من كل أجهزة المجرات.
أحد أروع المشاهد بالنسبة لي، كان الذي دارت أحداثه في حانه غريبة على كوكب تاتوين. يالها من تشكيلة رائعة من المشروبات الكحولية الغريبة، واللقطة الواسعة لشاربي المارتيني المصطفّين على البار، وكان لوكاس في غاية المكر، فسمح لهم بإظهار الخصائص التي اشتهرت بها البشرية، وجدت نفسي أشعر بمزيج من الإعجاب والبهجة. وضعتني حرب النجوم في حضرة ابتكار فيلم سحري، هنا، حيث يختلط كل شيء معًا، حيث الجموح والخيال، العجب البسيط والحكي المتطور بهدوء.
وضع ستانلي كوبريك كل ماكان لديه من تأثيرات خاصة لتصوير الفضاء الخارجي، عندما كان يصور "2001" في أواخر الستينات، لكنه قرر أخيرًا عدم إظهار أي كائنات فضائية على الإطلاق؛ لأن تصميمها كان مستحيل كما ظن، لكن التصميم لم يكن مستحيلًا أبدًا. كما أوضح حرب النجوم، وبهجة الفيلم في إمكانيات الحياة الغريبة التي كانت ممتعة بقدر الصراعات بين مركبات الإمبراطورية والمتمردين.
وربما هذا يساعد على تفسير نقطة ضعف الفيلم الوحيدة، ألا وهي استغراق الهجوم النهائي على نجمة الموت وقتًا أطول من اللازم. ربما لم يتحمل لوكاس فكرة الإقتطاع من فيلمه، بعدما استثمر الكثير من المال والعرق في المؤثرات الخاصة. لكن سحر حرب النجوم يكون دراميًا فقط مع المؤثرات الخاصة؛ قلب الفيلم بين الدفئ البشري (وغير البشري) لشخصياته.
روجر إيبرت
ترجمة: مصطفى اليماني
التعليقات : 0
إرسال تعليق
أترك تعليق أو اضغط (Like) إذا أعجبك ما قرأته، وإذا لم ينل إعجابك، أخبرني: لماذا؟..
يمكنك الإشتراك عن طريق البريد الإلكتروني -أسفل صندوق التعليقات- لمتابعة الردود، وأرجو عدم وضع أي روابط دعائية في التعليقات.