| 4 comments ]

تدوينة جديدة؟ ولِمَ لا، أنا لن أدفع مالاً عند الكتابة، وإن طلب أحدهم مني التوقف عنها، سأقول له أن يذهب إلى الجحيم.. بهذه البساطة. أنا الآن في بيتي -مدونتي- ويمكنني الكتابة عما أشاء، في أي وقت أشاء.. هذه هي فلسفة المدونات.. فلسفتي الخاصة، التي لم أعتمدها من البداية للأسف، لكني أعتقد أن هذا أمر طبيعي.. أنت تبدأ طفلاً في كل شيء.. في القراءة، والكتابة، والمشاهدة، والحديث، والمشي، والعمل... كل شيء.. أعترف أنه من الصعب أن نبدأ صغاراً في شيء جديد، بعدما أصبحنا كباراً في أشياء أخرى، لكن ماذا نفعل؟ يجب أن يتم الأمر بهذه الطريقة.. كل مرة.. وأعتقد أن هذا مايمنعني من تعلُّم كتابة شعر العامية حتى الآن! نعم، أعترف أنني لا أريد العودة للطفولة مرة أخرى، مع الشعر.. لن أستطيع أن أطلق على نفسي (كبيراً) في كتابة القصة، لكني -على الأقل- مررت بمرحلة البداية، وما ينقصني هو: أن أكتب.. هذه هي مشكلتي الوحيده والحاليه مع القصة.. الكتابة. وأنا ياصديقي -للأسف- لا أملك زِراً أضغط عليه، فأبدأ في كتابة قصة، ولا أملك آخر، يخرجني من حالاتي الغربية بالضغط عليه.. تلك الحالات التي تدفعني للتوقف.. أنا لا أعرف ماهي، لا أعرف اسمها، لكني أعرف أنها عندما تأتي، يتوقف كل شيء معها.. تتوقف المتعة، ويتوقف الإنبهار الدائم بكل جديد، لا وجود للأعين المتسعة، ولا للفم المفغر.. فقط، يتوقف كل شيء من حولك، وتبدأ في التحول إلى آله، تأكل، وتشرب، وتنصت بحركات آليه.. تنفذ ماكنت تقوم به سابقاً، وما تحتاجه للحياة.. يا إلهي.. متى فقدت الإستمتاع بأشيائي الصغيرة؟.

ومع توقفك عن العمل، تشعر أنك ملوث.. تشعر بتلك القذارة، وذلك الصدأ، يزحفان ليسكنا عظامك وعقلك.. تشعر أنك لست كبقية البشر. يالمأساتك ياصغيري العزيز.. أنت لم تعد تخرج، ولم تعد تشاهد أفلامك باستمتاع، فقط تشاهدها؛ لأنك اعتدت أن تفعل.. لم تعد تحلم؛ بأن تحلم بمستقبلك، ولم تعد تأمل في يوم ممتع جديد.. لم تعد الوجبه الساخنة تمثل لك أي شيء.. فقط تأكل؛ لأن هذا مايفعلونه.. متى توقفنا عن استنشاق رائحة الكتب الجديدة، والشعور بنسمات الهواء، التي تبعثها صفحاتها على وجهك؟ لم أعد أذكر.. كل ما أذكره؛ أنه في هذا الجسد، كانت هناك نبتة صغيرة، تحاول فروعها شق طريقها بين الصخور؛ لترى الشمس.. 

كل ما أذكره؛ أنك لم تعد أنت.. وأنا لم أعد أنا.. وهم، لم أعد أراهم، كما كانوا قديماً.. وهي.. هي لم توجد بعد..

أنا الآن هناك، سجين، بداخل ذلك البرج الأسود العملاق، أنظر لك بملابسك السوداء الرثه، وأصرخ فيك أن تنقذني.. وها أنت تأتي من بعيد.. تتقديم بخطواتك الواهنة، المرهقة.. السماء من فوقك لم تعد زرقاء كما كانت، والشمس لم يعد لها وجود.. كل شيء يتلون بالأسود والرمادي.. لم تعد الأشياء كما كانت قديماً.. لم تعد أنت كما كنت..

أصرخ فيك: "تقدم، أنقذني.. أخرجني من هناااااااااا"، وأنت تحاول، لكن الأمطار تعيقك، والأوحال التي تسببها تبطئ من خطواتك.. تسقط، تحاول الزحف، لكنك أكثر إنهاكاً من أن تفعل.. وها أنت تضرب بقبضتك الأرض، فيلوث الوحل وجهك.. تبكي، تنظر لي.. و... 

لا شيء.. كان الأمر مجرد مشهد عبثي آخر، يحاول الخروج من بين الحطام، كأنه -عقلي- يحاول أن يخبرني: هااااااي، أنت هناك.. أنا لازلت هنا، أتنفس.. أأستطيع طلب بعض المساعدة من فضلك؟ وأنا يا عقلي الحبيب لا أعرف.. لا أعرف إن كنت أستطيع إعادتك لحالتك الأخرى.. يجب أن تفهم؛ أنك لم تكن مميزاً من الأساس.. أعرف أنك كنت تحاول، لكن.. هكذا هي الحياة.. كلنا نحاول تسلق الجدار.. بعضنا ينجح، والآخر ينزلق؛ لتدق عنقه.. هكذا الأمر.

وكما رأيتم أعزائي.. نحن -عندما نعلن استسلامنا- نخط بأيدينا بداية جديدة.. نحطم آمالنا بعصا من مصانع الأمل، ونرتدي أحذية من محلات (طريق الحلم).. 

إذن: هل هي النهاية السعيدة؟.

أيها السخفاء! وأين كانت البداية أصلاً؟!.

إلى اللقاء.


1 مارس، 2012


التعليقات : 4

غير معرف

موجعه ومؤثرة يا مصطفي
رائع كعادتك..

النقطة المحورية للتدوينة تقض مضجعي وتؤرقني دائمًا.... تصيبني في مقتل هو التعبير الأصلح.. ناقشتها من قبل في تحليلي لفيلم قصة لعبه..

تجدها هنا إن أردت الإصطلاع عليها
http://www.facebook.com/note.php?note_id=10150222721060094

نادر

مصطفى اليماني

نادر، صديقي الذي يشرفني بتعليقه الثاني:

متشكر أوي يا نادر. التدوينة دي من التدوينات اللي اتكتبت بصدق أوي؛ لإني مفكرتش فيها قبل ما اكتبها، وأنا بقالي كتير أوي مش بكتب من الأساس، ففكرت: أنا كدة، كدة بقيت بتعامل مع المدونة بطريقة مختلفة عن زمان، فمش هيبقى فيه مشكلة، لو حتى كتبت أي كلام فارغ في التدوينة! بس طبعاً الكلام بيطلع كـ تفريغ للكبت الحالي..

هفتح اللينك أكيد، وهقرأه بإذن الله، وهترك لك تعليقي المتواضع أيضاً :)

وبشكرك شكر صادق جداً، للمرة الثانية.

Unknown

أحب أن أقرأ لك، فأنت تعرف جيدًا عم تتحدث أيها الصديق :)

مصطفى اليماني

@محمد عبد القوي مصيلحي

متشكر جداً يامحمد. قراءتك تشرفني وتسعدني وتضيف لكتابتي ياصديقي..

وأنا أيضاً، أود أن أقرأ مجموعتك (طريق النعناع).. قريباً إن شاء الله :)

إرسال تعليق


أترك تعليق أو اضغط (Like) إذا أعجبك ما قرأته، وإذا لم ينل إعجابك، أخبرني: لماذا؟..
يمكنك الإشتراك عن طريق البريد الإلكتروني -أسفل صندوق التعليقات- لمتابعة الردود، وأرجو عدم وضع أي روابط دعائية في التعليقات.