دعوة المهرجان |
لم أخرج في هذا اليوم؛ إلا لمقابلة بعض الأصدقاء الذين اتفقت معهم على أن يكون "مهرجان شباب الأدباء" مكان التقائنا؛ أي أنني لم أكن أهتم بالمهرجان من الأساس، ولم أخرج لكي أحضره، ولا لأتفرج على الكاتب المشهور فلان الفلاني، ولا الكاتبه (المُزّه) علانيه العلاني؛ كما يفعل البعض يعني، وللأسف -قبل أن أخرج- جائني هذا الإحساس، إحساس يخبرني أن: متخرجش ياحمار، اليوم هيكون زباله، ومش هينوبك إلا التنطيط في المواصلات.. لكني خرجت على كل حال.. وبعد التنطيط في المواصلات، وفي جو معتدل صيفاً -شوف الكدب- وصلت ساقية الصاوي، التي دار بيني وبين صديقي حديث بشأنها ونحن على بعد أمتار قليله منها:
هو:
-(اسمه إيه ده) كان بيقول انه مبيحبش الساقيه، مبيحبهاش ليه؟
أنا (بحكمتي):
-ياسيدي بيقول انه مبيحبهاش؛ عشان هي مكان (تجاري)، بيهتم (بلمّ) الفلوس وخلاص، وانه بيخضع لرغبات النظام، وبيأتمر لأمره؛ لمّا يكون فيه أصوات معارضه له، بتعمل على توصيل اعتراضهاعن طريق الرسم أو الكتابه؛ فيشيلوا الرسم، ويحذفوا الكتابه. عن نفسي والله، شايف ان الساقية -على رأي اللي قال- عملت اللي وزارة الثقافة معملتوش، كفايه بس انك بتلاقي مساحة تعمل فيها وتحضر اللي انت عاوزه، وبعد كدة نقول انها مكان تجاري. إذا كان فيه حاجات بنبقى قابلين نعملها بالفلوس ومش عارفين!
هو:
-آه والله، آه والله، آه والله.
ودخلنا.. دخلنا لنقابل الأصدقاء، و: أمواااااه، عامل ايه، إيه اخبارك، فينك يابني... وما إلى ذلك.. كانت الساعة 4 تقريباً عندما وصلت، وكانت الساعة 4 تقريباً؛ عندما عرفت أن المهرجان تأجل ليبدأ في الخامسة! المزيد من العرق والثرثرة الفارغه إذن..
شيء ما لاحظته أثناء الإنتظار: تقريباً أغلب الحاضرين؛ لم يأتوا إلا لمشاهدة الأسماء التي من المفترض أنها مدعوه للمهرجان (أحمد خالد توفيق)، (بهاء طاهر)، (أحمد مراد)، (عمر طاهر) إلخ، إلخ، إلخ... وكأن الأدباء الكبار هيتشقلبوا مثلاً، أو هيمشوا عـ الحبل، أو حتى هيقولوا كلام متقالش قبل كدة.. ماعلينا، بتحصل. وأخيراً بدأت أمارات بدء المهرجان، وندّعت بالمقدمه..
مقدمه لا أعرف إن كانت كاتبه ساخرة، أم مقدمة برامج، لايهم، المهم أنها ظهرت، وبدا كأنني الوحيد الذي لايعرفها؛ لأن الـ: واااااااااااو، هييييييييييييييييه، وأصوات الصفير، والتصفيق كانت كثيره. وظهرت أمام منصتها الصغيره ميكروفونات متعدده عليها شعارات لقنوات كثيرة مشهورة (الحياة)، (أون تي في)، (أوربت متهيأ لي)، فقلنا: أوبّاااااااا، الموضوع شكله كبير، لكن أحدهم -كتر خيره- عقب بأن: الموضوع ليس كبيراً ولا حاجه؛ دي علاقات الصاوي بس. طيب ياسيدي. وتحدثت المقدمه، وقالت كلاماً يخلي الواحد يعيط، ويترمي على كتف اللي جنبه من فرط الحنين والشعور بالأمان، كلاماً عن أن: هذا المهرجان من أجلك أنت، من أجل الشباب، من أجل مصر، من أجل كل كاتب لا يقرأ له أحد، ولا يعرفه أحد، المهمشين، الصغار، أصحاب التكاتك، والأكشاك الصغيره، النوبه، كمان مره النوبه..... يامؤمن كدت أقف؛ صارخاً: تحياااااااااااااااااااااا مصر!
ورغم أنني لم أكن مهتماً بالموضوع، لكني قلت: كويس، خير.. وقدمت بعد مقدمتها، أول اثنين في المهرجان، وكانا غالباً أول من أتيا للمهرجان أيضاً: نشوى الحوفي الصحفية، وعمر طاهر الصحفي برضة، والكاتب الساخر، والزملكاوي، وكل حاجة..
ولك أن تخمن؛ بما أنك قرأت عنوان التدوينة غالباً.. كان الأمر كأنك جالس؛ لتشاهد برنامج عن حياة المتحدثين.. أسئلة عن كفاحهما، وكتبهما، وكيف أنهم كانوا بيلفوا زمان على دور النشر، وتطلع عينيهم عشان ينشروا كتاب... يعني الموضوع كان ذاتي جداً، لاعلاقة له بالشباب من قريب ولا من طنطا.. تحس انهم أتوا لكي (يفرحوا بنفسهم شوية) ويحكوا مشوار حياتهم (عشانك ياسارة).. ماكان ينقص القعده حقاً، هو: علم مصر طويل، يلف على الجميع، وتشغيل أغنية:
بنحبك يا مصر وحبك غالي علينا بلدي يا مصر، بنحبك وأسمك نور يسبق أسامينا بلدي يامصر. و: والله وعملوها الرجاله ورفعوا راس مصر بلدنا!
بعد ذلك قدمت أصحاب دور النشر الشباب، مثل دار دون. هنا قررت أن أؤمن بالمعجزة، ورأيت النور يخترق السقف الخالي من التكييف، وسمعت الترانيم القادمه من الجنه، وسجدت شكراً لله.. هذا لأن هنا، في مصر، بلدنا: لو دار دون شافتك كاتب (تويته) بس، شوف (تويته)، هيروحوا مدورين عليك، وجايبينك -هاتتجاب هاتتجاب- ويقنعوك انك (تكتب الكتاب) وتمشي في جنازته، أقصد تكتب الكتاب؛ عشان ينشروه لك. يقنعوك تكتب، مش تنشر! ولك أن تطلق أصواتك الأنفية المحببه، خد راحتك.. إذا كان العيال بتندب عشان مش عارفه تنشر كتاب، النشر يا إما بدون مقابل (بس بخدمه زبالة)، لاتوزيع، ولا طباعة جيده ولا يحزنون، أو هو بمقابل مادي كبير..
وظهر أحمد مهنى ليتكلم في السريع، من بين مالفت سمعي، ماقاله عن أن: فيه طلبات كتير جت لنا، عن سرقة الكتب (pdf)، وتخفيض سعر الكتب، كل ده هنتكلم فيه...
الملاحظ انه مفيش قعده دلوقتي؛ إلا وتسمع فيها كلاماً عن سرقة الكتب، والكاتب الغلبان، والقارئ الحرامي ابن الكلاب.. ماهذا الرغي، والفسي يا أخي؟ أبحث عن مشاكلك أولاً، واعترف بها، وقم بحلها، وبعدين حاسب القارئ، أو حاسب على جنب..
ثم بعد ذلك -وقبل الإستراحة القصيره: فيه حفل توقيع صغير ورا؛ عشان توقعوا الكتب من عمر ونشوى!!
الله؟! أين الشباب في هذا الموضوع؟ هل خرجت من بيتنا؛ لأشاهد ناس مشهورين، وهما يفرحان بإنجازاتهما؟ وهل خرج الشباب من بيوتهم -ولومي هنا للشباب نفسهم- ليتفرجوا على الناس اللي بيقروا لهم؟ وهل تم صنع هذا المهرجان؛ حتى يتحدث أشخاص عن إنجازاتهم، وإن كانوا شباباً؟
كل الأسماء التي تمت دعوتها إلى المهرجان، شباب بصحيح، لكنهم لايحتاجون لهذا الظهور الخاص -ربنا يزيدهم- لكن من كانوا جالسين؛ يسمعونهم، ويتفرجون عليهم، هم من بحاجه للظهور، والكلام..
بعد هذه السخافات؛ خرجت لأجلس مع الأصحاب على المقهى الذي يقع أمام الساقية، وفوجئت بالعديد من الأشخاص الذين أعرفهم؛ يخرجون ليجلسوا معنا!
لا أعرف ماهو تعريف كلمة (شباب) عند الناس.. هل هو شباب العمر، أم شباب المشوار؟ شخص مثل (أحمد مراد)، وأنا أحب قرائته وأحترمه جداً، لكن هل يحتاج (للظهور) -ولعلك تفهم ما أعني بالظهور- أم الأولى أن نعطي الفرصة لغيره؟ وإن كانت الدعوه تمت على أساس السن، فالغرض من المهرجان لم يتم حقاً، ومعناه لم يتحقق.. ما معنى أن تأتي بشخص مثل (عمر طاهر)، وتعرف الناس بيه؟!
الخلاصة أن: مهرجان شباب الأدباء -مثلما قرأت في العنوان- لم يكن للشباب. أعرف أن جميع من شاركوا ونظموا هذا المهرجان؛ يتوقعوا أن يتلقوا المدح كلما تم التطرق للحديث عن هذا الحدث الكبير، ومعهم حق في توقعهم.. في ظروف مثل التي نعيشها؛ يجب أن نفرح بكل شيء جديد ومختلف، وكل اهتمام بشيء جانبي وهامشي مثل الأدب وما إلى ذلك، لكن الأمر لم يتم كما يجب أن يكون..
حظ سعيد في المرة القادمه، وأتمنى أن يحترم الكبار أنفسهم، ويدوا شباب الثورة فرصة بقى!
26 مايو، 2013
التعليقات : 0
إرسال تعليق
أترك تعليق أو اضغط (Like) إذا أعجبك ما قرأته، وإذا لم ينل إعجابك، أخبرني: لماذا؟..
يمكنك الإشتراك عن طريق البريد الإلكتروني -أسفل صندوق التعليقات- لمتابعة الردود، وأرجو عدم وضع أي روابط دعائية في التعليقات.