| 4 comments ]

تقضي حياتك في انتظار معجزة ما، شيء جيد، صحوة، لكنك تنضج في النهاية سواء بعد فوات الأوان أو قبله؛ لتدرك أن الصحوة وهم مؤقت، والأشياء الجيده والمعجزات حذفها القدر من المعجم في طبعته الجديده المنقحة، تُجبر على أخذ قرارات طارئه، إعلان الأحكام العرفية، تدرك أنك لولم تفعل ذلك سيمر الوقت، كل حركة من عقارب الساعة تعلن أنك لم تفعل شيئاً بعد، أنك خسرت دقيقة لم تجنِ فيها شيء ما، تقرر أولوياتك، ماذا تريد أن تفعل؟ دقائق أخرى تمر، هل تحتاج لورقة وقلم؟ تبدو الخيارات محدوده الآن أكثر من أي وقتٍ مضى، في الماضي كنت تحلم بالعظمة، شخص ما يفعل شيء ما يعجب أشخاص ما في مكان ما، ضحكة بلهاء أمام كاميرا رديئة يمسكها شخص تمنى لو ظهر معك في الكادر، لكن لعنتك أنك لم تعطي مائة في المائة من مجهود لأي شيء أحببته، لم تتشبث لحظة بطوق نجاه، فقط كنت تتركه يطفو بعيداً لتلحق بغيره، إذن: هل قررت بعد ماذا تريد؟ الواضح أنك فوت قطار الإستثنائية، لم تصبح الواحد، بل أصبحت أحدهم، هكذا يتبقى لك السهل الصعب، فقط حاول أن تشبه الآخرين، خريج يبحث عن عمل، بمؤهل لاطعم له ولا لون، لاتعرف حتى هل يُقرأ من اليمين لليسار أم من أعلى لأسفل، ربما سيكون مفيداً أكثر لو قلبته على الناحية الفارغة، لاتخصص لك، لايمكن أن يسبق مركزك الوظيفي: الأستاذ فلاني الفلاني، أو الدكتور علان العلاني، أو المهندس فلان العلاني؛ لذلك تقرر الإنضمام إلى الحشد، جيش الزومبي السارح في الشوارع وعلى مواقع التوظيف الإلكترونية، في النهاية سوف تجد نفسك ترتدي سماعة وتحاول إقناع عميل أن بيانات الـ51 قرش التي فقدها من رصيده لم تظهر بعد "يرجى معاودة الإتصال في وقت لاحق؛ ليرد عليك زميل يخبرك أنه: يرجى معاودة الإتصال في وقت لاحق"، أو مرتدياً زي سخيف واقفاً طوال 12 ساعة تحرس بوابة ما، أو ربما تحمل حقيبة تحت شمس قررت أن تخرج لك عضوها الذكري في نهار صيف جحيمي: لاتريد أن تشتري مقشرة البطاطس العجيبة؟ إذن جرب أستك الملابس الحريري، سوف تصاب بأعراض انسحاب أحياناً، ارتداد، احترس المؤخرة الحمقاء ترجع إلى الوراء، تهرع خائفاً إلى بيتك، غرفتك، أفلامك المفضلة وكتبك الحبيبة وكرسيك الدافئ، لكن أياً من هذا لم يعد له طعماً، والنتيجة أنك أصبحت تخاف من الداخل بقدر خوفك من الخارج، باب الخروج وهم، النجاة خيال أي قصة رعب رديئة أصدق منها، لذلك تعيد المحاولة، لكنك لاتزال تحتفظ بمعدل 8% حماقة، حماقة شرعية؛ لذلك: عمو فلان، ألو، كيف حالك؟ أعرف أنك شخص مقتدر بكرش مليء، أعرف أن لك معارف مهمين، هل من الممكن أن تتوسط لي عند أحدهم لي...تيت تيت تيت. هيه، صديقي القديم، لم نتقابل منذ، آ، أعرف أعرف، لم أتصل بك منذ زمن، أنت أيضاً لم تتصل يابن اللعينة، لكنك سوف تتهمني بالنذالة على أية حال، على كلٍ، كنت أقول أنني عرفت من أحدهم أنك وجدت وظيفة لقطة في شركة محترمة، هل...؟ أتعرف لاتشغل بالك، أبقى سلم لي على أمك. ووسط كل ذلك تنتبه لأن أحداً لم يجبرك على فعل ذلك، لم يعد الأمر أنك سئمت والداك وإعلانهم المستمر عن خيبة أملهما في ابنهما البكري، مشروعهما الفاشل، فأر تجاربهم المعاق، بل صار الموضوع أنك أنت الذي تبحث عن مخرجٍ ما، هذا يعقد الأمور؛ لأنه لم يتبقى لك من تلقي اللوم عليه، صحيح، ماسبب كل ذلك، ما الذي أدى بك إلى تلك النهاية المفتوحه؟ ربما لأنك لم تشرب اللبن وأنت صغير، لم تأكل خضاراً بما يكفي، لم تتكلف عناء المشي لمدة ساعتين يومياً، تؤنب والديك أحياناً لكن ليس لأنهما كانا قاسيين هذه المرة، بل لأنهما لم يكونا قاسيين كفاية، بابا، كنت ستضربني على كل حال، فلماذا لم تضربني أكثر؟! حسناً سوف أتركك الآن، تبقى عدة ساعات وتنتهي نوبة حراستك، لكن ماذا تفعل؟ لاتمزق اليونيفورم، إنه عهدة، أترك أزرار القميص، لاتلقي بكل شيء أرضاً، هل أتتك النوبة؟ حسناً، فلتذهب إلى البيت الآن، سوف تجلس في غرفتك على كرسيك تحدق في شاشة الكمبيوتر الخاوية، في انتظار معجزة، شيء جيد، صحوة، فتلك أشياء لم تنتهي على كل حال أليس كذلك؟ تهز رأسك بالإيجاب، حسناً أنصحك بالقراءة من البداية أيها اللعين!.


التعليقات : 4

غير معرف

أه يا قلبي يا يماني :(

دائمًا موجع، ومؤلم، وفاضح لعذاباتك أمام الجميع.

القراءة كانت مرهقة إلى حد كبير بسبب الفقرة الواحدة المتصلة... عذرك الوحيد أن الموضوع كان إلى القيء الفكري أقرب.

تشجع... بهذا المستوى ستصل إلى شيءٍ ما يومًا.

متابعك المخلص دائمًا،
نادر.

مصطفى اليماني

@غير معرف

آهي بتيجي كدة من غير ترتيب ولا تجهيز يا نادر والله..

بالنسبة للقراءة المرهقة فأنا مقدرها والله، وصدقني لما اقول لك: انه مجرد النظر للفقرة المتصله دي بيتعبني! أنا مبحبش كدة ومش أسلوبي أصلاً، بس المشكلة ان الموضوع عباره عن كلام متواصل سريع الإيقاع، حاولت اخلي التدوينة أكتر من فقره عشان تبقى مقبوله للناظرين بس مجتش معايا خالص..

تسلم لي يارب على متابعتك يا نادر، انا لسه مستغرب انه فيه متابع مخلص هنا عموماً، بس انا فرحان جداً بوجودك : )

ونصل أو مانصلش، ربنا يستر!

غير معرف

تدوينة عظيمة

مصطفى اليماني

@غير معرف
أشكرك جداً جداً، اتمنى بقية محتوى المدونة يعجبك :)

إرسال تعليق


أترك تعليق أو اضغط (Like) إذا أعجبك ما قرأته، وإذا لم ينل إعجابك، أخبرني: لماذا؟..
يمكنك الإشتراك عن طريق البريد الإلكتروني -أسفل صندوق التعليقات- لمتابعة الردود، وأرجو عدم وضع أي روابط دعائية في التعليقات.