ستيفن كينج واحد من أعظم الروائيين على الإطلاق، أنت لا تستطيع أن تنتقد رجلًا لم يكتب رواية، أو اثنتان، أو عشرة روايات عظيمة، بل كتب عدد لايحصى من التألقات الأدبية التي تغطي عدة عقود، ولايزال مستمرًا، بلا انقطاع، حتى يومنا هذا.
هناك أولئك الذين يسارعون إلى نفي صفة "الأديب" عن ستيفن كينج، لكن هؤلاء الناس متكبرون فحسب (لم يجلس العديد منهم حقًا لقراءة رواية لستيفن كينج). الحقيقة هي، أن ستيفن كينج يحظى بشعبية كبيرة لسبب، فقدرته على جذب اهتمام وتركيز القارئ وإفزاعه، تجعله أقرب لـ (تشارلز ديكنز) العصر الحالي، فرواياته جريئة، مكثفة، ولامثيل لها في سلاسة قراءتها.
مع ذلك، كثيرًا ما يشغل سؤال واحد عقل معجبي ستيفن كينج، وهو: «من أين يأتي بأفكاره؟»
وبينما سيخبرك أغلب الكُتّاب أن فكرة الرواية يمكن أن تنبع من العدم، بلا أي مناسبة خاصة، نجد أن أغلب أعمال ستيفن كينج ظهرت كنتيجة لحوادث معينة، أو أحداث وقعت للكاتب بشخصه. الأحداث والحوادث التي أدت بدورها لكتابة بعضًا من أشهر كتب ستيفن كينج...
قُل لأحد معجبيه، أنك لن تقرأ أبدًا رواية لستيفن كينج، وسيكون ترشيحه الأول لك على الأغلب، رواية The Stand. يمكن القول أنها تحفة كينج الأعظم، تضاهيها فحسب سلسلة The Dark Tower، من حيث الطموح الهائل والحجم. ليس هذا فحسب، لكنها أيضًا تمثل كينج في كل شيء؛ حيث تعلق كل الشخصيات الأمريكية في حالة لايستطيعوا السيطرة عليها، والمناظر الطبيعية المقفرة، والشرير الغامض، متغير الشكل...
تدور الحبكة حول فناء الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتم محو 99% من السكان بواسطة فيروس قاتل يُعرف باسم "كابتن تريبس". الناجين، المحصنين ضد الفيروس، يجب أن يتكاتفوا معًا، ليمثلوا الصمود الأخير، لهذا يقطعون الطريق من مختلف أنحاء البلاد، نحو مواجهة حتمية مع تجسيد مرعب للشر.
إذن، من أين جاء كينج بفكرة The Stand، مع الفرضية القائلة بأن الأمر يبدأ مع هروب فيروس من مختبر سري، ليهلك المجتمع؟ حسنًا، من حلقة لبرنامج 60 دقيقة، على قناة CBS.
هذا صحيح، فقد جلس كينج ذات ليلة أمام التليفزيون، ليشاهد حلقة خاصة عن الحرب الكيميائية، وقد أثارت مخيلته. «لم أنسى أبدًا المشاهد البشعة لفزع، وارتجاف، واحتضار فئران التجارب، كل هذا في 20 ثانية أو أقل»، وقال أنه تذكر تسرب المواد الكيميائية في ولاية يوتاه، والذي أودى بحياة مجموعة من الأغنام. كانت هذه حاويات في طريقها للدفن، حتى انقلبت بهم الشاحنة، وحدث التسرب.
اكتسبت The Mist شهرة واسعة، لكونها تحولت لواحد ضمن العديد من الأفلام الرائعة، المقتبسة من كتب ستيفن كينج، تضاعفت تلك الشهرة، مع النهاية الكئيبة لفيلم فرانك دارابونت. الكتاب عمل رائع بدوره، كما أن كينج اختبر بعضًا من أحداث القصة في الحياة الواقعية، حقًا.
تدور الرواية حول عاصفة رعدية قوية، تطلق العنان لضباب غريب؛ يغطي مدينة صغيرة في بريدچتون، بولاية ماين، ممايتسبب في انعدام الرؤية تمامًا أمام سكانها. نتيجة لذلك، يعلق بطل الرواية وابنه، مع مجموعة من الأشخاص، داخل سوبرماركت، عاجزين عن المغادرة، فقط ليكتشفوا، أن الضباب يحتوي على عدد من الوحوش الغريبة، العازمة على قتلهم.
إذن، ما الذي حدث لكينج ليلهمه حبكة مثل هذه؟ حسنًا، لقد حدث كل شيء، باستثناء الجزء الخاص بالوحوش. ذات ليلة، فوجئ كينج بعاصفة رعدية قوية للغاية، بدت كأنها الفناء ذاته من حجمها الهائل، في اليوم التالي، زار كينج السوبر ماركت مع ابنه، وانتابته رؤية لما أطلق عليه «زواحف عملاقة طائرة من ماقبل التاريخ» تحوم حول هذه القصة، مما أوحى إليه بجزئية الوحوش الكامنة في الضباب.
لا أحد يعرف لماذا فكر كينج في زواحف ماقبل التاريخ الطائرة، لكن من نحن لنجادل في أمور كهذه؟
تبدو Lisey's Story وكأنها أكثر روايات ستيفن كينج خصوصيه، مما يجعل الأمر منطقيًا، عندما تعرف أنه كتب تلك الرواية كوسيلة لاستكشاف وفاته.
تدور القصة حول ليزي لاندن، التي تقرر -بعد مرور عامين على وفاة زوجها، سكوت لاندن، الروائي المشهور- أن تقوم بتنظيف مكتبه، وسرعان ماتجد ليزي نفسها واقعة في موقف خطير، عندما يتواصل معها شخص غريب، غامض؛ يطالب بأن تعطيه كل أوراق وملفات سكوت، وإلا ستجد نفسها في ورطة.
جاءت فكرة Lisey's Story بطريقة مثيرة للإهتمام، وكئيبة للغاية. بعدما قضى كينج فترة في المستشفى بسبب التهاب رئوي، تم تفريغ مكتبه؛ ليُعاد تجديده أثناء غيابه، وعندما عاد إلى المنزل، رأي أن العديد من ممتلكاته كانت لاتزال معبأة داخل صناديق، فباغتته فكرة: هكذا سيبدو شكل هذه الغرفة، لو توفيت.
يدور الكتاب حول هذه الفرضية التعيسة، حيث يتوفى كاتب شهير -شخص بقامة ستيفن كينج- وتقوم زوجته بالتخلص من أشياءه. إنها فكرة رائعة، ويبدو أنها أثرت في كينج كثيرًا على المستوى الشخصي؛ نظرًا لأنه كثيرًا مايزعم أن Lisey's Story هي المفضله لديه، ضمن جميع كتبه الأخرى.
تُعد The Shining رواية ستيفن كينج الأشهر غالبًا، وهي الرواية التي يفكر بها الجميع عندما يُذكر اسمه، يرجع ذلك لكونها واحدة من إنجازاته الأدبية الأكثر تميزًا، وكنتيجة للفيلم الجماهيري المقتبس عنها، على يد المخرج الأسطوري ستانلي كوبريك (الفيلم الذي اعترف كينج بنفسه أنه يكرهه).
تدور الرواية حول الكاتب (چاك تورانس)، الذي يقبل بوظيفة مؤقتة، كحارس لفندق نائي في الجبال، خلال فصل الشتاء، حتى يمكنه التركيز في كتابه القادم، فيجلب معه زوجته ويندي، وابنه داني، لكن سرعان ماتبدأ أشياء غريبة في الحدوث. يحاول الفندق المسكون بأرواح شريرة، الإستحواذ على چاك، وإصابته بالجنون؛ نتيجة لذلك، يحاول قتل أسرته.
كيف فكر كينج في حبكة مثل هذه؟ حسنًا، إن الأمر يدور حول البقاء في فندق قديم مخيف، وهذا بالضبط ماحدث لكينج.
في عام 1974، قصى كينج وزوجته (تابيثا) ليلة في فندق قديم الطراز، ببلدة إستيس بارك، يُدعى "ستانلي"، كانا الضيفين الوحيدين هناك؛ نظرًا لاقتراب فصل الشتاء. الفراغ الغريب للمكان، والممرات الخاوية، جعلا كينج يعتقد أن هذا الفندق يعد المكان المثالي لقصة رعب. في تلك الليلة رأى كابوس، حيث يُهاجَم ابنه بواسطة خرطوم حريق، ليستيقظ كينج في عرقه البارد، ويكاد يسقط عن السرير.
قال كينج بنفسه: «أشعلت سيجارة، وجلست على المقعد، أحدق في الجبال من خلال النافذة، وبحلول الوقت الذي انتهت فيه السيجارة، كانت قد ترسخت فكرة الكتاب في ذهني.»
كتب ستيفن كينج ذات مرة عن الأماكن التي تنبع منها أفكاره، قائلًا: «تأتي القصص في أوقات وأماكن مختلفة بالنسبة لي؛ في السيارة، في الحمام، أثناء المشي، حتى أثناء الوقوف في الحفلات.» وتصديقًا على كلامه، ها هو كتاب جاءته فكرته في السيارة.
تحكي الرواية قصة غريبة وملتوية عن مدينة تُدعى "Desperation"، بنيڨادا، والتي تقع -تقريبًا- وسط المجهول. بعد حادث تعدين في أحد المناجم، يقوم مخلوق مخيف يُعرف باسم "تاك"، باختراق المجمتع عن طريق مدخل بين الأبعاد، ويستخدم قدرته الخاصة؛ ليتخذ أشكال السكان.
استوحى كينج روايته عندما أخذ جوله خلال ولاية نيڨادا بسيارة ابنته، فكان أن مر بمدينة مقفرة تُدعى "روث"، بدت لكينج كما لو أنها هُجِرت. فجأة، بدأ خياله في العمل، بإلهام من الخراب المزعوم. «إنهم جميعًا قتلى»، هكذا فكر، تلى ذلك: «من قتلهم؟»
وبلا سبب واضح، رد صوت في رأس ستيفن كينج: «المأمور قتلهم جميعًا.»
يظهر المأمور كقاتل في افتتاحية رواية كينج؛ حيث يقوم مطبق مختل للقانون يُدعى (كولي إنترجيان) -مستحوذ من قِبل تاك- بمعاقبة جميع السائحين. تُعتبر هذه القصة أكثر إثارة للإهتمام لأنها تعبر عن إحدى سمات كينج في العمل: التفكير في رواية ليس دائمًا عملية معدة مسبقًا، بل يمكن أن تأتي الفكرة بطريقة غريبة، وغير متوقعة.
نُشرت الرواية في الأصل باسم "ريتشارد باكمان"، تحكي Thinner قصة مخيفة عن رجل يدعى بيلي هاليك، الذي يُصاب بلعنة غجرية بعد حادث مؤسف. كنه هذه اللعنة؟ ألا يتوقف بيلي عن فقدان الوزن حتى تُرفع اللعنة عنه، ويتسرب الوقت من بين يديه، في حين يصبح هو أنحف وأنحف...
من الوهلة الأولى، تبدو Thinner وكأنها مزحة على الورق، لكن بين يدي كينج القادرة، تصبح الرواية تجربة مروعة حقًا.
ليست مفاجأة أن الكتاب جاء بعدما تلقى الكاتب نفسه نصيحة من طبيب بإنقاص الوزن والإقلاع عن التدخين؛ الشيء الذي وجد كينج صعوبة في تنفيذه، مشبهًا الأمر بفقدان جزء من نفسه. «اعتدت أن أزن 236 باوند، وأن أدخن بغزارة.»، قال كينج ذلك. «ذهبت لرؤية الطبيب وقال لي: أسمع يارجل، إن نسبة الدهون لديك مرتفعة حقًا، وفي حال لم تلاحظ؛ فأنت قريب من أزمة قلبية حادة.»
غَضِب كينج وأبى اتباع أوامر الطبيب، لكن مسألة أن يصبح "أنحف"، خلفت لديه شعورًا مزعجًا، وبدأ يفكر: ماذا سيحدث إذا بدأ شخص في فقدان الوزن ولم يستطع التوقف، بغض النظر عن الكيفية. ربما غَضِب كينج من ذلك الجدل مع الطبيب، لكن النتيجة أسفرت عن كتاب تقشعر له الأبدان.
كثيرًا مايُعتقد أنها واحدة من أكثر أعمال كينج تميزًا، فهي رواية ملحمية عظيمة، نُسِجت من عدد لايُحصى من الشخصيات وتمتد لعقود كثيرة. من كان يظن أن رواية عظيمة كهذه، يمكن أن تُستوحى من خلال سيارة معطلة، والسير وقت الغسق عبر جسر متهالك؟
لو كنت قرأت "IT"، فلابد أنك تعلم، أنها تحكي قصة سبعة أصدقاء، تتأثر حياتهم بوحش غريب، متغير الشكل، يتعرض لهم منذ طفولتهم، مظهر من مظاهر الشر المروعة، يتربص في المجارير تحت بلدتهم الصغيرة، مع القدرة على تحويل نفسه لأسوأ مخاوفهم، وأغلبهم كان يخشى مهرج اسمه "بيني ويز" أكثر من أي شيء آخر.
أتت القصة لكينج بطريقة غريبة وغير متوقعة تمامًا. بعدما تطلعت سيارته في إحدى ليالي صيف 1978، قرر بعد ثلاثة أيام، الذهاب إلى معرض بيع السيارات؛ لقطر سيارته، وقرر في اللحظة الأخيرة، ألا يستقل سيارة أجرة. المسافة سيرًا على الأقدام كانت تستغرق 3 أميال، وكانت وجهته في ضواحي المدينة، حيث عاش كينج لبعض الوقت، في كولورادو. وبينما يسير خلال حقول فارغة، حلَّ الغسق، وأصبح كينج يدرك تمامًا كم هو وحيد.
بعد ذلك، عَبَر جسر خشبي قديم، وداهمته فكرة: «فكرت في قصة العنزات الثلاثة الخيالية، وتساءلت عما سأفعل إذا ناداني قزم من أسفل الجسر، قائلًا: ’’من الذي يتجرأ ويعبر جسري؟‘‘»
لم ينفذ الفكرة كماجاءته، لكنه احتفظ بها لاشعوريًا. بعد عامين، تذكر كينج موقف القزم تحت الجسر، وبدأ في تطوير الفكرة. أراد أن يكتب عن مدينة بانجور بولاية مين، وقنوات الصرف الخاصة بها، وقرر أن الجسر من تلك التجربة يمكن أن تمثله المدينة، والمجارير أسفلها يمكن أن تمثل منزل القزم.
مر مزيد من الوقت، لكن ظل كينج يفكر في فرضية أن بانجور هي الجسر، والمجارير هي المكان الذي يكمن فيه القزم. في نهاية المطاف، تآلفت الفكرة مع رغبة كينج في كتابة شيء عن تجاربه كطفل عاش في ولاية كونيتيكت، وكُتِبت رواية IT. من الجيد أن سيارته تعطلت عشية ذلك الصيف المشؤوم، صحيح؟
تشارلز ديكنز. إيڨلين وو. ستيفن كينج.
استغرق الأمر ثلاثة أجيال من الكُتّاب لكتابة واحدة من أشهر روايات ستيفن كينج وأكثرهم نجاحًا. تحكي الرواية قصة الكاتب بول شيلدون، الذي تنقلب سيارته في حادث على الطريق، فتنقذه وتختطفه آني ويلكس المرعبة، التي نصّبت نفسها "المعجبة رقم واحد" به. عندما يُعلمها بول أنه قرر وضع نهاية لسلسلته الأشهر "ميزري"، تحتجزه آني كرهينة، وتجبره على كتابة رواية أخرى من ميزري.
شعبية ستيفن كينج وصلت لذروتها عام 1978؛ لذا، كان يمكن أن تعتقد ببساطة أن كينح استوحى القصة من خلال تجاربه الشخصية مع المعجبين المجانين.
لكنك ستكون مخطئًا، الحقيقة أن ميزري مستوحاة من قصة "الرجل الذي أحب ديكنز" لكاتبتها إيڨلين وو. قرأ كينج القصة خلال رحلة إلى لندن، وجاءته الفكرة على هيئة حلم مابين النوم واليقظة، وقد قال كينج بنفسه عن الأمر: «قصة وو كانت عن رجل في أمريكا الجنوبية، يُسجن من قِبل زعيم يعشق قصص ديكنز، ويُجبَر على قراءتهم له. تساءلت ماذا سيكون الحال لو كان ديكنز نفسه أسيرًا.»
تحكي "Pet Sematary" قصة مؤرقة ومخيفة، عن لويس كريد، الرجل الذي يستخدم قوة أرض المقابر القديمة؛ لإحياء ابنه المتوفى، بعدما تدهسه شاحنة مسرعة على الطريق. يعود الإبن للحياة، لكن شيء به قد تغير (للأسوأ). ويحكي الكتاب أن أرض المقابر كان يتم استخدامها منذ فترة طويلة كـ"مقبرة للحيوانات الأليفة"؛ مكان حيث يدفن الأطفال حيواناتهم الأليفة بعدما تموت.
إنها رواية مظلمة ومعقدة، مع حبكة مُقبِضة، وهي واحدة من تلك القصص التي استوحاها ستيفن كينج عندما وجد نفسه في وضع مماثل مع الفرضية التي بُني عليها الكتاب.
يعني هذا، أن السيناريو يذكرنا بفترة في حياة كينج، عندما كان يعيش في بلدة أورينجتون، بولاية ماين، كمدرس في الجامعة، وكان بيته يقع بجانب طريق مزدحم؛ غالبًا ماكان يودي بحياة حيوانات الحي الأليفة؛ نتيجة لذلك (وكما في الكتاب تمامًا) بنى أطفال الحي مقبرة للحيوانات الأليفة في حقل قريب من موقع بيت ستيفن كينج.
هنا حيث تتضح بقوة أوجه التشابه مع الكتاب. القط الذي كانت تملكه ابنة كينج قُتِل على الطريق، وقامت بدفنه في مقبرة الحيوانات الأليفة. ألقى هذا الحادث بظلاله على الرواية، حيث يُقتل القط الذي يملكه ابن البطل بنفس الطريقة، ويُدفَن في مقبرة الحيوانات الأليفة. ثم هناك هذا الحدث الكبير الذي أثر على كينج؛ حيث اقترب ابنه أوين من الموت خلال ركضه نحو الطريق المزدحم، يتجلى تأثير هذا الحدث على الكتاب من خلال موت ابن البطل.
كانت Pet Sematary عبارة عن عدة حوادث في حياة كينج الشخصية أسفرت عن رواية رعب، لكن من المدهش أن نرى كم من أحداث الكتاب حدثت (أو كادت تحدث) في الحياة الواقعية.
تحكي رواية "كوچو" قصة كلب أليف يسقط في حفرة ذات يوم، ليخرج منها ويبدو أن شيء خاطئ قد حل به. كوجو، كلب من نوعية سانت برنارد، يصاب بالسُعار من عضة خفاش، فيخرج في مهمة لقتل اثنين من الأبرياء يجدا نفسهما محاصرين داخل سيارة، بينما يقبع وحش مرعب في الخارج، ينتظر الفرصة لينقض عليهما.
فكيف انتهى الأمر بكينج لكتابة قصة مثل هذه؟ ما الذي أوحى إليه بقصة كوچو؟
كانت تجربة خاضها كينج، مع كلب غير لطيف في عام 1977. أخذ كينج دراجته الناريه ليصلحها في بريدجتون، بماين، وبينما يقترب من الحظيرة التي تقع بها الورشة، خرج كلب من الحظيرة، واخترق مساحة كينج الخاصة مما أصابه بالتوتر، ثم تبع الكلب ميكانيكي الدراجات الذي بدا -كما قال كينج- «تقريبًا كأحد هؤلاء الرجال من فيلم Deliverance.» مخيف، صحيح؟
أبلغ الرجل كينج أن الكلب لن يقوم بعضه، فحاول كينج أن يكون لطيفًا وقام بمسايرة هذا الأخرق، الذي بدأ يتذمر عليه. «جونزو لم يفعل هذا من قبل. أعتقد أنه لايحب وجهك.»، هكذا علّق الميكانيكي الأخرق.
بعد هذه القصة، وُلِدَ كوچو، الحادث ألهم كينج للكتابة عن كلب متعطش للدماء، والناتج كان رواية رائعة ناجحة، وفيلم شهير.
وبينما سيخبرك أغلب الكُتّاب أن فكرة الرواية يمكن أن تنبع من العدم، بلا أي مناسبة خاصة، نجد أن أغلب أعمال ستيفن كينج ظهرت كنتيجة لحوادث معينة، أو أحداث وقعت للكاتب بشخصه. الأحداث والحوادث التي أدت بدورها لكتابة بعضًا من أشهر كتب ستيفن كينج...
1.لقطات من قناة CBS لتشنّج واحتضار فئران تجارب، ألهمت كينج كتابة The Stand
قُل لأحد معجبيه، أنك لن تقرأ أبدًا رواية لستيفن كينج، وسيكون ترشيحه الأول لك على الأغلب، رواية The Stand. يمكن القول أنها تحفة كينج الأعظم، تضاهيها فحسب سلسلة The Dark Tower، من حيث الطموح الهائل والحجم. ليس هذا فحسب، لكنها أيضًا تمثل كينج في كل شيء؛ حيث تعلق كل الشخصيات الأمريكية في حالة لايستطيعوا السيطرة عليها، والمناظر الطبيعية المقفرة، والشرير الغامض، متغير الشكل...
تدور الحبكة حول فناء الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتم محو 99% من السكان بواسطة فيروس قاتل يُعرف باسم "كابتن تريبس". الناجين، المحصنين ضد الفيروس، يجب أن يتكاتفوا معًا، ليمثلوا الصمود الأخير، لهذا يقطعون الطريق من مختلف أنحاء البلاد، نحو مواجهة حتمية مع تجسيد مرعب للشر.
إذن، من أين جاء كينج بفكرة The Stand، مع الفرضية القائلة بأن الأمر يبدأ مع هروب فيروس من مختبر سري، ليهلك المجتمع؟ حسنًا، من حلقة لبرنامج 60 دقيقة، على قناة CBS.
هذا صحيح، فقد جلس كينج ذات ليلة أمام التليفزيون، ليشاهد حلقة خاصة عن الحرب الكيميائية، وقد أثارت مخيلته. «لم أنسى أبدًا المشاهد البشعة لفزع، وارتجاف، واحتضار فئران التجارب، كل هذا في 20 ثانية أو أقل»، وقال أنه تذكر تسرب المواد الكيميائية في ولاية يوتاه، والذي أودى بحياة مجموعة من الأغنام. كانت هذه حاويات في طريقها للدفن، حتى انقلبت بهم الشاحنة، وحدث التسرب.
كما أن The Stand كُتِبت لتسير على الخطى الملحمية لرواية سيد الخواتم لـ جي. آر. آر. تولكين، ولو طبقنا الأمر على العالم الحديث، سنجد أن لاس ڨيجاس تماثل أرض موردور. يجب أن تشهد بالأمر لكينج، فالرجل يعرف كيف يجمع بين هذه المؤثرات مثل بروفيسور حقيقي.
2.استلهم The Mist من خلال عاصفة رعدية غريبة، وزيارة للسوبر ماركت
اكتسبت The Mist شهرة واسعة، لكونها تحولت لواحد ضمن العديد من الأفلام الرائعة، المقتبسة من كتب ستيفن كينج، تضاعفت تلك الشهرة، مع النهاية الكئيبة لفيلم فرانك دارابونت. الكتاب عمل رائع بدوره، كما أن كينج اختبر بعضًا من أحداث القصة في الحياة الواقعية، حقًا.
تدور الرواية حول عاصفة رعدية قوية، تطلق العنان لضباب غريب؛ يغطي مدينة صغيرة في بريدچتون، بولاية ماين، ممايتسبب في انعدام الرؤية تمامًا أمام سكانها. نتيجة لذلك، يعلق بطل الرواية وابنه، مع مجموعة من الأشخاص، داخل سوبرماركت، عاجزين عن المغادرة، فقط ليكتشفوا، أن الضباب يحتوي على عدد من الوحوش الغريبة، العازمة على قتلهم.
إذن، ما الذي حدث لكينج ليلهمه حبكة مثل هذه؟ حسنًا، لقد حدث كل شيء، باستثناء الجزء الخاص بالوحوش. ذات ليلة، فوجئ كينج بعاصفة رعدية قوية للغاية، بدت كأنها الفناء ذاته من حجمها الهائل، في اليوم التالي، زار كينج السوبر ماركت مع ابنه، وانتابته رؤية لما أطلق عليه «زواحف عملاقة طائرة من ماقبل التاريخ» تحوم حول هذه القصة، مما أوحى إليه بجزئية الوحوش الكامنة في الضباب.
لا أحد يعرف لماذا فكر كينج في زواحف ماقبل التاريخ الطائرة، لكن من نحن لنجادل في أمور كهذه؟
3.كتب كينج رواية Lisey's Story بعدما تخيل ماذا سيحدث لو وافته المنية
تبدو Lisey's Story وكأنها أكثر روايات ستيفن كينج خصوصيه، مما يجعل الأمر منطقيًا، عندما تعرف أنه كتب تلك الرواية كوسيلة لاستكشاف وفاته.
تدور القصة حول ليزي لاندن، التي تقرر -بعد مرور عامين على وفاة زوجها، سكوت لاندن، الروائي المشهور- أن تقوم بتنظيف مكتبه، وسرعان ماتجد ليزي نفسها واقعة في موقف خطير، عندما يتواصل معها شخص غريب، غامض؛ يطالب بأن تعطيه كل أوراق وملفات سكوت، وإلا ستجد نفسها في ورطة.
جاءت فكرة Lisey's Story بطريقة مثيرة للإهتمام، وكئيبة للغاية. بعدما قضى كينج فترة في المستشفى بسبب التهاب رئوي، تم تفريغ مكتبه؛ ليُعاد تجديده أثناء غيابه، وعندما عاد إلى المنزل، رأي أن العديد من ممتلكاته كانت لاتزال معبأة داخل صناديق، فباغتته فكرة: هكذا سيبدو شكل هذه الغرفة، لو توفيت.
يدور الكتاب حول هذه الفرضية التعيسة، حيث يتوفى كاتب شهير -شخص بقامة ستيفن كينج- وتقوم زوجته بالتخلص من أشياءه. إنها فكرة رائعة، ويبدو أنها أثرت في كينج كثيرًا على المستوى الشخصي؛ نظرًا لأنه كثيرًا مايزعم أن Lisey's Story هي المفضله لديه، ضمن جميع كتبه الأخرى.
4.استوحى كينج The Shining من خلال إقامته في فندق قديم مخيف، ورؤيته لكابوس عن ابنه
تُعد The Shining رواية ستيفن كينج الأشهر غالبًا، وهي الرواية التي يفكر بها الجميع عندما يُذكر اسمه، يرجع ذلك لكونها واحدة من إنجازاته الأدبية الأكثر تميزًا، وكنتيجة للفيلم الجماهيري المقتبس عنها، على يد المخرج الأسطوري ستانلي كوبريك (الفيلم الذي اعترف كينج بنفسه أنه يكرهه).
تدور الرواية حول الكاتب (چاك تورانس)، الذي يقبل بوظيفة مؤقتة، كحارس لفندق نائي في الجبال، خلال فصل الشتاء، حتى يمكنه التركيز في كتابه القادم، فيجلب معه زوجته ويندي، وابنه داني، لكن سرعان ماتبدأ أشياء غريبة في الحدوث. يحاول الفندق المسكون بأرواح شريرة، الإستحواذ على چاك، وإصابته بالجنون؛ نتيجة لذلك، يحاول قتل أسرته.
كيف فكر كينج في حبكة مثل هذه؟ حسنًا، إن الأمر يدور حول البقاء في فندق قديم مخيف، وهذا بالضبط ماحدث لكينج.
في عام 1974، قصى كينج وزوجته (تابيثا) ليلة في فندق قديم الطراز، ببلدة إستيس بارك، يُدعى "ستانلي"، كانا الضيفين الوحيدين هناك؛ نظرًا لاقتراب فصل الشتاء. الفراغ الغريب للمكان، والممرات الخاوية، جعلا كينج يعتقد أن هذا الفندق يعد المكان المثالي لقصة رعب. في تلك الليلة رأى كابوس، حيث يُهاجَم ابنه بواسطة خرطوم حريق، ليستيقظ كينج في عرقه البارد، ويكاد يسقط عن السرير.
قال كينج بنفسه: «أشعلت سيجارة، وجلست على المقعد، أحدق في الجبال من خلال النافذة، وبحلول الوقت الذي انتهت فيه السيجارة، كانت قد ترسخت فكرة الكتاب في ذهني.»
5.القيادة خلال مدينة مقفرة بولاية نيفادا، أوحت لكينج بكتابة Desperation
كتب ستيفن كينج ذات مرة عن الأماكن التي تنبع منها أفكاره، قائلًا: «تأتي القصص في أوقات وأماكن مختلفة بالنسبة لي؛ في السيارة، في الحمام، أثناء المشي، حتى أثناء الوقوف في الحفلات.» وتصديقًا على كلامه، ها هو كتاب جاءته فكرته في السيارة.
تحكي الرواية قصة غريبة وملتوية عن مدينة تُدعى "Desperation"، بنيڨادا، والتي تقع -تقريبًا- وسط المجهول. بعد حادث تعدين في أحد المناجم، يقوم مخلوق مخيف يُعرف باسم "تاك"، باختراق المجمتع عن طريق مدخل بين الأبعاد، ويستخدم قدرته الخاصة؛ ليتخذ أشكال السكان.
استوحى كينج روايته عندما أخذ جوله خلال ولاية نيڨادا بسيارة ابنته، فكان أن مر بمدينة مقفرة تُدعى "روث"، بدت لكينج كما لو أنها هُجِرت. فجأة، بدأ خياله في العمل، بإلهام من الخراب المزعوم. «إنهم جميعًا قتلى»، هكذا فكر، تلى ذلك: «من قتلهم؟»
وبلا سبب واضح، رد صوت في رأس ستيفن كينج: «المأمور قتلهم جميعًا.»
يظهر المأمور كقاتل في افتتاحية رواية كينج؛ حيث يقوم مطبق مختل للقانون يُدعى (كولي إنترجيان) -مستحوذ من قِبل تاك- بمعاقبة جميع السائحين. تُعتبر هذه القصة أكثر إثارة للإهتمام لأنها تعبر عن إحدى سمات كينج في العمل: التفكير في رواية ليس دائمًا عملية معدة مسبقًا، بل يمكن أن تأتي الفكرة بطريقة غريبة، وغير متوقعة.
6.استوحى Thinner بعدما أخبره طبيب أنه قريب من أزمة قلبية حادة
نُشرت الرواية في الأصل باسم "ريتشارد باكمان"، تحكي Thinner قصة مخيفة عن رجل يدعى بيلي هاليك، الذي يُصاب بلعنة غجرية بعد حادث مؤسف. كنه هذه اللعنة؟ ألا يتوقف بيلي عن فقدان الوزن حتى تُرفع اللعنة عنه، ويتسرب الوقت من بين يديه، في حين يصبح هو أنحف وأنحف...
من الوهلة الأولى، تبدو Thinner وكأنها مزحة على الورق، لكن بين يدي كينج القادرة، تصبح الرواية تجربة مروعة حقًا.
ليست مفاجأة أن الكتاب جاء بعدما تلقى الكاتب نفسه نصيحة من طبيب بإنقاص الوزن والإقلاع عن التدخين؛ الشيء الذي وجد كينج صعوبة في تنفيذه، مشبهًا الأمر بفقدان جزء من نفسه. «اعتدت أن أزن 236 باوند، وأن أدخن بغزارة.»، قال كينج ذلك. «ذهبت لرؤية الطبيب وقال لي: أسمع يارجل، إن نسبة الدهون لديك مرتفعة حقًا، وفي حال لم تلاحظ؛ فأنت قريب من أزمة قلبية حادة.»
غَضِب كينج وأبى اتباع أوامر الطبيب، لكن مسألة أن يصبح "أنحف"، خلفت لديه شعورًا مزعجًا، وبدأ يفكر: ماذا سيحدث إذا بدأ شخص في فقدان الوزن ولم يستطع التوقف، بغض النظر عن الكيفية. ربما غَضِب كينج من ذلك الجدل مع الطبيب، لكن النتيجة أسفرت عن كتاب تقشعر له الأبدان.
7.سيارة معطلة وجسر خشبي قديم ألهما كينج كتابة IT
كثيرًا مايُعتقد أنها واحدة من أكثر أعمال كينج تميزًا، فهي رواية ملحمية عظيمة، نُسِجت من عدد لايُحصى من الشخصيات وتمتد لعقود كثيرة. من كان يظن أن رواية عظيمة كهذه، يمكن أن تُستوحى من خلال سيارة معطلة، والسير وقت الغسق عبر جسر متهالك؟
لو كنت قرأت "IT"، فلابد أنك تعلم، أنها تحكي قصة سبعة أصدقاء، تتأثر حياتهم بوحش غريب، متغير الشكل، يتعرض لهم منذ طفولتهم، مظهر من مظاهر الشر المروعة، يتربص في المجارير تحت بلدتهم الصغيرة، مع القدرة على تحويل نفسه لأسوأ مخاوفهم، وأغلبهم كان يخشى مهرج اسمه "بيني ويز" أكثر من أي شيء آخر.
أتت القصة لكينج بطريقة غريبة وغير متوقعة تمامًا. بعدما تطلعت سيارته في إحدى ليالي صيف 1978، قرر بعد ثلاثة أيام، الذهاب إلى معرض بيع السيارات؛ لقطر سيارته، وقرر في اللحظة الأخيرة، ألا يستقل سيارة أجرة. المسافة سيرًا على الأقدام كانت تستغرق 3 أميال، وكانت وجهته في ضواحي المدينة، حيث عاش كينج لبعض الوقت، في كولورادو. وبينما يسير خلال حقول فارغة، حلَّ الغسق، وأصبح كينج يدرك تمامًا كم هو وحيد.
بعد ذلك، عَبَر جسر خشبي قديم، وداهمته فكرة: «فكرت في قصة العنزات الثلاثة الخيالية، وتساءلت عما سأفعل إذا ناداني قزم من أسفل الجسر، قائلًا: ’’من الذي يتجرأ ويعبر جسري؟‘‘»
لم ينفذ الفكرة كماجاءته، لكنه احتفظ بها لاشعوريًا. بعد عامين، تذكر كينج موقف القزم تحت الجسر، وبدأ في تطوير الفكرة. أراد أن يكتب عن مدينة بانجور بولاية مين، وقنوات الصرف الخاصة بها، وقرر أن الجسر من تلك التجربة يمكن أن تمثله المدينة، والمجارير أسفلها يمكن أن تمثل منزل القزم.
مر مزيد من الوقت، لكن ظل كينج يفكر في فرضية أن بانجور هي الجسر، والمجارير هي المكان الذي يكمن فيه القزم. في نهاية المطاف، تآلفت الفكرة مع رغبة كينج في كتابة شيء عن تجاربه كطفل عاش في ولاية كونيتيكت، وكُتِبت رواية IT. من الجيد أن سيارته تعطلت عشية ذلك الصيف المشؤوم، صحيح؟
8.أتت فكرة Misery لكينج في حلم بعدما قرأ قصة قصيرة عن تشارلز ديكنز بقلم إيفلين وو
تشارلز ديكنز. إيڨلين وو. ستيفن كينج.
استغرق الأمر ثلاثة أجيال من الكُتّاب لكتابة واحدة من أشهر روايات ستيفن كينج وأكثرهم نجاحًا. تحكي الرواية قصة الكاتب بول شيلدون، الذي تنقلب سيارته في حادث على الطريق، فتنقذه وتختطفه آني ويلكس المرعبة، التي نصّبت نفسها "المعجبة رقم واحد" به. عندما يُعلمها بول أنه قرر وضع نهاية لسلسلته الأشهر "ميزري"، تحتجزه آني كرهينة، وتجبره على كتابة رواية أخرى من ميزري.
شعبية ستيفن كينج وصلت لذروتها عام 1978؛ لذا، كان يمكن أن تعتقد ببساطة أن كينح استوحى القصة من خلال تجاربه الشخصية مع المعجبين المجانين.
لكنك ستكون مخطئًا، الحقيقة أن ميزري مستوحاة من قصة "الرجل الذي أحب ديكنز" لكاتبتها إيڨلين وو. قرأ كينج القصة خلال رحلة إلى لندن، وجاءته الفكرة على هيئة حلم مابين النوم واليقظة، وقد قال كينج بنفسه عن الأمر: «قصة وو كانت عن رجل في أمريكا الجنوبية، يُسجن من قِبل زعيم يعشق قصص ديكنز، ويُجبَر على قراءتهم له. تساءلت ماذا سيكون الحال لو كان ديكنز نفسه أسيرًا.»
9.استوحى Pet Sematary من مقبرة حقيقية للحيوانات الأليفة كانت تقع قرب منزله
تحكي "Pet Sematary" قصة مؤرقة ومخيفة، عن لويس كريد، الرجل الذي يستخدم قوة أرض المقابر القديمة؛ لإحياء ابنه المتوفى، بعدما تدهسه شاحنة مسرعة على الطريق. يعود الإبن للحياة، لكن شيء به قد تغير (للأسوأ). ويحكي الكتاب أن أرض المقابر كان يتم استخدامها منذ فترة طويلة كـ"مقبرة للحيوانات الأليفة"؛ مكان حيث يدفن الأطفال حيواناتهم الأليفة بعدما تموت.
إنها رواية مظلمة ومعقدة، مع حبكة مُقبِضة، وهي واحدة من تلك القصص التي استوحاها ستيفن كينج عندما وجد نفسه في وضع مماثل مع الفرضية التي بُني عليها الكتاب.
يعني هذا، أن السيناريو يذكرنا بفترة في حياة كينج، عندما كان يعيش في بلدة أورينجتون، بولاية ماين، كمدرس في الجامعة، وكان بيته يقع بجانب طريق مزدحم؛ غالبًا ماكان يودي بحياة حيوانات الحي الأليفة؛ نتيجة لذلك (وكما في الكتاب تمامًا) بنى أطفال الحي مقبرة للحيوانات الأليفة في حقل قريب من موقع بيت ستيفن كينج.
هنا حيث تتضح بقوة أوجه التشابه مع الكتاب. القط الذي كانت تملكه ابنة كينج قُتِل على الطريق، وقامت بدفنه في مقبرة الحيوانات الأليفة. ألقى هذا الحادث بظلاله على الرواية، حيث يُقتل القط الذي يملكه ابن البطل بنفس الطريقة، ويُدفَن في مقبرة الحيوانات الأليفة. ثم هناك هذا الحدث الكبير الذي أثر على كينج؛ حيث اقترب ابنه أوين من الموت خلال ركضه نحو الطريق المزدحم، يتجلى تأثير هذا الحدث على الكتاب من خلال موت ابن البطل.
كانت Pet Sematary عبارة عن عدة حوادث في حياة كينج الشخصية أسفرت عن رواية رعب، لكن من المدهش أن نرى كم من أحداث الكتاب حدثت (أو كادت تحدث) في الحياة الواقعية.
10.كوجو مستوحاة من كلب تعرض لكينج
تحكي رواية "كوچو" قصة كلب أليف يسقط في حفرة ذات يوم، ليخرج منها ويبدو أن شيء خاطئ قد حل به. كوجو، كلب من نوعية سانت برنارد، يصاب بالسُعار من عضة خفاش، فيخرج في مهمة لقتل اثنين من الأبرياء يجدا نفسهما محاصرين داخل سيارة، بينما يقبع وحش مرعب في الخارج، ينتظر الفرصة لينقض عليهما.
فكيف انتهى الأمر بكينج لكتابة قصة مثل هذه؟ ما الذي أوحى إليه بقصة كوچو؟
كانت تجربة خاضها كينج، مع كلب غير لطيف في عام 1977. أخذ كينج دراجته الناريه ليصلحها في بريدجتون، بماين، وبينما يقترب من الحظيرة التي تقع بها الورشة، خرج كلب من الحظيرة، واخترق مساحة كينج الخاصة مما أصابه بالتوتر، ثم تبع الكلب ميكانيكي الدراجات الذي بدا -كما قال كينج- «تقريبًا كأحد هؤلاء الرجال من فيلم Deliverance.» مخيف، صحيح؟
أبلغ الرجل كينج أن الكلب لن يقوم بعضه، فحاول كينج أن يكون لطيفًا وقام بمسايرة هذا الأخرق، الذي بدأ يتذمر عليه. «جونزو لم يفعل هذا من قبل. أعتقد أنه لايحب وجهك.»، هكذا علّق الميكانيكي الأخرق.
بعد هذه القصة، وُلِدَ كوچو، الحادث ألهم كينج للكتابة عن كلب متعطش للدماء، والناتج كان رواية رائعة ناجحة، وفيلم شهير.
ترجمة: مصطفى اليماني
التعليقات : 4
فِضِل عندي في الـ Bookmarks فترة طويلة جدًا، أنت نزِّلته وقت ما كنت مشغول لشوشتي في ترجمة "اتصال"، لكني ما نستوش، واديني لسة مخلصه دلوقتي.
المقال ممتع جدًا، ومكتوب حلو وبشياكة كالعادة.. القصص والحوادث مكنتش أعرف أغلبها قبل كدا.
تحياتي.
نادر.
زي كل مرة يانادر، بحس اني عملت حاجة حلوة فعلًا ومهمة؛ لما بلاقي ناس محترمين زيك مهتمين بالحاجة دي. كونك احتفظت بالتدوينة في البوك ماركس ومنسيتهاش، دي كبيرة أوي عندي.
الحقيقة انا كمان مكنتش اعرف أغلب الحوادث دي، لغاية ماقريتها. دماغ كينج مخيفة جدًا، في تحويل أي حاجة عادية لرواية ضخمة مثيرة. بس انا اقتنعت ان دماغ كل واحد فينا بتشتغل زي ماهو قرر يمشي، يعني واحد زي ده قراره انه يفضل يكتب طول ماهو بيتنفس وفيه حيل، فكل وأقل حاجة بالنسبة بتعتبر قصة جديدة.
شاكر جدًا متابعتك المستمرة يانادر والله. أنا شخصيًا مقصر في قراءة ترجماتك، بس ربنا يسهل واحصل عليها في أقرب وقت.
تحياتي صديقي العزيز
ممتاز يا مصطفى
استمتعت جدًا بقراءة المقال وخصوصًا القصص اللي أول مرة أعرف الحكايات اللي وراها
شكرًا جدًا على مجهودك
محمد عصمت
@غير معرف عصمت، انا اللي بشكرك على القراءة والله. كينج عنده قصص من دي كتير متناثرة في كل كتبه وحواراته. بتفاجئ بيها فعلا. نورت المدونة المتواضعة بجد :)
إرسال تعليق
أترك تعليق أو اضغط (Like) إذا أعجبك ما قرأته، وإذا لم ينل إعجابك، أخبرني: لماذا؟..
يمكنك الإشتراك عن طريق البريد الإلكتروني -أسفل صندوق التعليقات- لمتابعة الردود، وأرجو عدم وضع أي روابط دعائية في التعليقات.