| 0 comments ]

إيه هي مشكلة التنوع العرقي الإجباري في السينما والتلفزيون؟

 في الفترة الأخيرة اتعرضت 3 مسلسلات أمريكية بتنتمي كلها للفانتازيا، المسلسلات دي هي: The Sandman، و House of the dragon، والمسلسل التالت هو The rings of power اللي من المفترض أنه بينتمي بشكل أو بآخر لكتابات تولكين وعالم الأرض الوسطى و The lord of the rings.

عانت المسلسلات التلاتة من استهجان فئة من الجمهور مكانش عاجبها التغيير اللي حصل في عرق أو جنس بعض الشخصيات وتحويلها لنساء أمريكيات من أصل أفريقي على سبيل المثال، ورغم الإستهجان دة، إلا أن فيه مسلسلين الجمهور بلعهم، حتى اللي معجبهمش التغييرات دي بلعوا الموضوع في رأيي، ودة لسببين:

1. لأن المسلسلين عجبوا الناس بالدرجة الكافية اللي تخليهم يتجاوزوا عن سيئاتهم، ودة يقول لنا حاجة مهمة جدا: أن الفن الجيِّد ممكن يخليك تمرر حاجات كتير بشكل ناجح.

2. لأن التغييرات اللي حصلت مكانتش حرجة، كانت من النوع اللي ممكن يخليك تتأفف شوية وبعدين تعديه عشان تكمل فرجة.

المسلسلين دول هما:


• رجل الرمل The sandman: اللي معجبنيش تماما، بغض النظر عن التغييرات اللي طرأت عليه بعد نقله من الكوميكس للشاشة.

• آل التنين house of the dragon: واللي حبيته لدرجة كبيرة وشايف إنه موفق حتى الآن.

خليني أقف شوية مع بيت أو آل التنين ومشكلته لأنها كانت بتمثِّل تصاعد استهجان الجمهور.

آل التنين:


الممثل ستيف توسان صاحب شخصية "كورليس فاليريون" كان قال تصريح أبرز مدى جهله وغباء المرحلة ككل. الشخصية اللي بيؤديها الممثل من المفترض أنها وُصِفَت في الكتب باعتبارها ذات صفات فاليرية، يعني "شعر فضي، عيون أرجوانية، وبشرة شاحبة" أي بشرة فاتحة أكثر من المعتاد.

طبعا اللي ظهر في المسلسل عكس كدة تماما.

الممثل ستيف توسان في تصريحه الصحفي قال إن: لو التنانين ممكن تطير -على أساس أن التنانين الحقيقية اللي كانت موجودة في الواقع مكانتش بتطير- فلورد فاليريون ينفع يبقى أسود! وتابع بإتهام الجمهور قائلا: الناس مبسوطة بالشعر الأبيض والعيون البنفسجية، بس مش عايزة تقبل بوجود "رجل أسود ثري"!.

التصريح دة بقدر ما كان صغير وعابر بقدر ما قال كتير أوي.

- هنا بنشوف ممثل ساذج بيهاجم فئة من الجمهور دون محاولة استيعاب دوافعها.

- وبيحاول يدَّعي أن الناس أو بعضهم بيعترض على وجوده لمجرَّد أنه "أسود وثري".

وكأن السود بيُقدَّموا في السينما والتلفزيون لأول مرة، وكأن العبودية انتهت بالأمس فقط.

- ولُبّ المسألة، مسألتنا: إنه بينفي أو لعلُّه حتى بيجهل أن الخيال له قواعد بتحكمه زيه زي الواقع، بل ربما أقسى من الواقع نفسه!

قوانين الخيال:


في نقاش في إحدى جروبات "الفانز" الأمريكية، زُلَّت قدمي كما يحدث مرَّة كل عام إلى نقاش عن الموضوع دة. قلت للفانز أن المسألة مش مسألة استبعاد عرق بعينه، لكنها مسألة خيال بتحكمه ضوابط وضعها المؤلف نفسه، وطالما تعلَّق الموضوع بجونرا الـ high fantasy فأحنا بيكون عندنا أجناس متعددة وكل جنس توضع له ملامحه بالكامل، فمشكلتي الخاصة مع لون بشرة الممثل هي نفس مشكلتي مع أي نشاز ممكن أشوفه في أي فن، مش لأن لون البشرة أسود أو برتقالي!.

أنهالت عليّا اتهامات العنصرية كما هو متوقَّع. لوهلة كنت هقول لنفسي: إحنا عالم تالت وعندنا مشاكلنا، إيه اللي جابك هنا؟ بس راجعت نفسي بدون نقاش. أنا، إحنا، جايز أوي نكون بننجو نجاة مؤقتة يومية بمساعدة الفن دة، أيّا كان نوعه. وكل ما يطرأ عليه من تغيير يخص أجندات أصحابه، بيخليك قاعد هنا وأنت بتراقب المتنفَّس بتاعك وهو بيتسدّ. ببطئ.
يمكن لحد هنا الأزمة كانت واضحة، ملمومة، ومخدتش وقت كتير ومكانتش أول مرة عامة.

طيب إيه هي مشكلة The rings of power؟

أيه اللي أجرمه المسلسل دة عشان يتعمل فيه دة كله ويعمل هو وشركة إنتاجه كل دة في مشاهديه؟

خواتم القوة (بدون سيد الخواتم):


تقريبا دي أول مرة أشوف فيها شركة إنتاج بتشنّ هجوم مضاد وعنيف على جمهور مستاء!

إنتقادات محبي تولكين وسلسلة الأفلام الأصلية مبدأتش دلوقتي بس، بل بدأت منذ الإعلان عن شراء أمازون "حقوق سيِّد الخواتم" ونيِّتها تحويل أيّا كان اللي اشترته لمسلسل تليفزيوني. كان واضح جدا تخوًّفات الـ Fans من تشويه إرث سيِّد خواتم تولكين أو بيتر جاكسون، خاصة مع عدم فهم:

"هو أمازون هتقتبس إيه بالظبط؟"

قبل ما أجاوب، خلّيني أنط نطَّة للمسلسل نفسه. إحنا شفنا 3 حلقات حتى الآن، وفيه إحساس عام بحاجة واضحة جدا، وهي إن اللي بنشوفه دة لا ينتمي لتولكين إلا من خلال أسماء بضعة شخصيات أو ملامح أجناس بعينها. غير كدة، فاللي بتشوفه دة كله مش بتاع تولكين ولا حاجة، ولا ينفع يكون بتاعه.

- عندنا جنس "الهارفوت" اللي همّا "هوبيت" بس مش هوبيت أوي، ومتقالش ولا هيتقال عنهم هوبيت طول المسلسل.

- عندنا واحد شبه جاندالف بس هو مش جاندالف وغالبا مش هنسمع الإسم دة طول المسلسل.

- وقيس على دة صفات وعادات أجناس كتير اتغيرت، زي الأورك اللي فجأة بقوا بيخافوا يمشوا في الشمس وبيحفروا أنفاق عشان يتحركوا تحتها!

طيب ليه كل دة بيحصل؟ بعيدا عن مشاكل التنوع العرقي والجنسي، بعيدا عن مستوى المسلسل ذاته.

أو: ما هي صفقة أمازون مع ورثة تولكين؟


أمازون لم تشتري حقوق رواية بعينها لتولكين، بل اشترت حقوق "ملحقات روايات سيِّد الخواتم" اللي كانت موجودة في نهاية رواية عودة الملك The return of the king واللي بيقال انها مكونة من 20 صفحة مش أكتر!

يعني أمازون اشترت أوراق بتحتوي على أسماء وتاريخ بعض الشخصيات والأماكن مش أكتر. الأخطر من ذلك هو أن أمازون محظور عليها قانونيا استخدام أي حاجة ذُكِرت في الروايات ومش موجودة في الملاحق نفسها!

فاللي حصل أن أمازون بنت قصتها الخاصة على ما هو متاح بين يديها.

أنا بتخيل أن الموضوع كان أشبه بالمسابقات التفاعلية اللي بيكون فحواها:

اكتب قصة قصيرة باستخدام الكلمات التالية:

"أورك، جالادريل، إيسلدور، إلف، ساورون"

واحشي براحتك.

طبعا من المهم ذكر أن الصفقة كانت بمبلغ 250 مليون دولار.

لكن، وإن أجاب دة عن عدم وجود علاقة كاملة بين محتوى المسلسل وأدب تولكين، دة مش هيبرِّر الكتابة السيئة وعدم الإخلاص لرؤية تولكين وقواعد الخيال اللي من المفترض أنهم بيلعبوا ضمن إطاره. من المفترض.

وعلى ذكر رؤية تولكين وعلاقتها بمشكلة التنوع العرقي في خواتم القوة:


هدف تولكين كان كتابة أساطير وطنية إنجليزية. مكانش مهتم إطلاقا ولم يكن يشغله التنوع العرقي في رواياته، كان كل هدفه كتابة أساطير مغرقة في المحلية، والحقيقة دة مش عيب إطلاقا. التنوع العرقي مش هينفع يكون هدف العمل الأدبي أو الفني، وأكثر من ذلك، من حق كل كاتب كتابة والإحتفاظ برؤيته وأن رؤيته دي تكون خاصة بيه أو بموطن نشأته.

دة اللي عمله بيتر جاكسون بحذافيره في ثلاثيته سيِّد الخواتم The lord of the rings لمّا احتفظ برؤية تولكين ونفِّذها بحذافيرها وبثّ روحها وهيبتها من خلال شاشته الكبيرة.

خلينا نفتكر مع بعض الأول تصريح بيتر چاكسون أن أمازون رفضت عرضه مساعدتهم في مسلسلهم، وهنفهم رفضوا ليه، بس نقرأ الأول بيتر جاكسون قال إيه عن رؤية تولكين وثلاثية سيِّد الخواتم:

"إحنا مكناش عاوزين نحط رسالتنا الخاصة في الفيلم، إحنا كنا عاوزين نكرَّم تولكين من خلال وضع رسالته هو في الفيلم".

بيتر جاكسون في حوار تلفزيوني قديم:




كان لازم أمازون ترفض تدخُّل بيتر جاكسون بكل الأحوال، لأن خطِّتها كانت إنجاح المسلسل (بالعافية) من خلال درع التنوع العرقي يا صديقي.

هجوم أمازون على الفانز الغاضبين لم يتوقف عند تجنيد الصحافة والإعلام والميديا، بل وصل الأمر لقفل التعليقات والتقييمات على منصتهم الخاصة كمان. وكل التصريحات عبارة عن اتهامات للجمهور بالعنصرية، حتى لو كان جمهور مش بيتناول مسألة التنوع العرقي، أي حد هيتدخل بالسلب في ما يخص المسلسل هو شخص عنصري كاره للتنوع.

من أيام، طلع أبطال من الثلاثية القديمة يدعموا المسلسل في صورة حمقاء لقطوها مع بعض، عشان نكتشف بعد كدة ان التيشيرتات اللي كانوا لابسينها عبارة عن براند بيتباع على النت!

أبطال the lord of the rings في ما يبدو صورة لدعم مسلسل the rings of power


الصورة الصغيرة دي قالت كتير برضة.

فالمسألة مش مسألة عنصرية ولا غيره، المسألة مسألة شركة بتحاول تحمي استثماراتها من خلال رشة التنوع الحمقاء في المسلسل واستخدامها كدرع للدفاع عن الكتابة السيئة السطحية الرخوة.

يعني من الآخر المسلسل فيه كتاب دين، لو راجل ارميه عـ الأرض!

فالتنوع العرقي، وإن مرّ على مضض في الفن الواقعي، مش هينفع يمر في العمل الخيالي (تصوَّر؟!) ودة للأسباب التي ذُكِرَت أعلاه بشكل متفرق:

1. للعمل الفانتازي أو الخيالي قواعد سنَّها واضعها أيّا كان ولا يجوز الحياد عنها مطلقا. عشان لمّا دة يحصل هنشوف "إلف" أسود.

2. لمّا أشوف شخصية اتغيرت من عرق لآخر، من جنس لآخر، فجأة، مش ببقى بشوف شخصية خيالية ولا تنوُّع عرقي، ولا ممثل شاطر جدا أجبر الصنّاع يختاروه:

تؤ تؤ: بشوف أجندات سياسية قدّامي، بشوف قرارات مجموعة أشخاص في غرفة مغلقة، مش بشوف عمل فنّي مفترض يمتعني، مفترض يحافظ على إندماجي في الخيال.

تعالوا نشوف تصريحات الممثلة "هالي بيلي" -آه والله هالي بيلي مش بيري، حتى أسمها مقتبس- وهي بتقول إنها بتتمنى آداءها لشخصية ليتل مارميد يكون مُلهِم للفتيات اللي في عمرها في مش عارف أفريقيا أو فين وأنهم يقدروا يكونوا أميرات هما كمان!

فيعني الموضوع مبقاش الحكاية الخرافية الملهمة الجميلة اللي شفناها زمان كبار وصغيرين. المسألة بقت أجندة محضة.
3. حماية للإستثمار كما أسلفت. هنبني جامع تحت العمارة عشان الحيّ ميجيش يهدَّها. بس.

عايز في الختام أقول ملاحظات أخيرة:

- نحن نعيش وسط أسوأ مجموعة بشرية على الإطلاق.
- جالادريل في المسلسل عايزة 100 قلم على وشها على غفلة.
- مش عارف ليه الإصرار على إن أسمه خواتم "السلطة" وليه فيه حاجة لإستخدام الكلمة دي بدلا من "القوة"، حاجة تفكر الواحد بـ"صراع" العروش.


التعليقات : 0

إرسال تعليق


أترك تعليق أو اضغط (Like) إذا أعجبك ما قرأته، وإذا لم ينل إعجابك، أخبرني: لماذا؟..
يمكنك الإشتراك عن طريق البريد الإلكتروني -أسفل صندوق التعليقات- لمتابعة الردود، وأرجو عدم وضع أي روابط دعائية في التعليقات.